تعيش موريتانيا على وقع أحداث مهمة ومتلاحقة، فقد تم تعيين حكومة جديدة على ضوء انتخابات تشريعية وجهوية وبلدية حاسمة، وهو اقتراع تُستخلص منه دروس سياسية مهمة، كما تجري في البلاد محاكمة خاصة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
مجلة jeuneafrique تجري مقابلة خاصة مع الوزير سيد أحمد ولد محمد، أحد المقربين من الرئيس الحالي، وهو من ضمن 4 وزراء فقط عملوا معه منذ تسمله حكم البلاد في أغسطس 2019.
في موريتانيا بدأت الساحة السياسية تتهيأ لانتخابات الرئاسة، المقررة منتصف 2024. حلفاء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في وضع جيد، فهم خارجون للتو من نصر كبير في الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية الأخيرة وهو ما يجعلهم متفائلين بتحقيق نتائج مريحة في انتخابات الرئاسة المقبلة.
من بين هؤلاء، سيد أحمد ولد محمد، الذي غدا من بين أعمدة الحكومة، وسيكون له دور أساسي في الحملة الرئاسية كعضو في المكتب التنفيذي لحزب "الإنصاف" الحاكم، حيث عمل في البداية وزيرا للتجارة ثم وزيرا للمياه ويسير منذ عامين حقيبة الإسكان، حيث جدد له يوم 4 يوليو 2023، خلال التشكيلة الحكومية الجديدة، وهو من أكثر المدافعين عن سياسة الغزواني، ويرد دوما على الانتقادات الموجهة لنظامه.
فيما يلي نص المقابلة:
سؤال: بعد الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية في مايو 2023، أعيد تعيين الوزير الأول، ألم يكن من الأولى إحداث قطيعة في أفق الانتخابات الرئاسية لعام 2024؟
الوزير: هو مؤشر على ثقة الرئيس في وزيره الأول، وأيضا في أولئك الذين احتفظوا بمناصبهم. وأنا أتفق معه في ذلك لأن بعض الوزراء يعملون بالفعل على مشاريع وزعزعة استقرار الفريق الحالي قد يكون له تأثير سلبي. نحن في نهاية المأمورية، ويجب على الوزراء مضاعفة جهودهم للوصول بهذه البرامج إلى حصيلة ناجحة، لذلك كان من الضروري إبقائهم في وظائفهم.
سؤال: كيف تتفاعل مع الجدل الناشئ عن تعيين المختار ولد اجاي وزير الاقتصاد والمالية في عهد محمد ولد عبد العزيز وزيرا مديرا لديوان الرئيس الغزواني؟
الوزير: النقد جزء من الحياة، نحن في بلد مفتوح. من الصعب جدا اختيار شخص لا يثير وجهات نظر مختلفة. لكنه كفؤ وشاب ومعروف بالاجتهاد في عمله ولديه الكثير ليساهم به.
سؤال: تواجه السلطة انتقادات وينتقد اقتصاديون عدم وجود مشاريع هيكلية. ألا يجب على الرئيس أن يتحدث أكثر عن حصيلة حكمه؟
الوزير: لا أعتقد أن تلك وظيفته. نحن نعلم ما تم إنجازه وسنتحدث عنه عندما يحين الوقت، خلال الحملة الرئاسية في عام 2024. إن إمدادات المياه من النهر إلى كيفة، والتي ستكلف 320 مليون دولار وتوفير المياه لنواذيبو من بحيرة بولنوار الجوفية بقيمة 11 مليار أوقية هي مشاريع هيكلة. عندما وصل الرئيس إلى السلطة، كان هناك عجز في الفصول الدراسية يصل إلى 3500 فصل دراسي، وقد بنيناها. وكذلك المستشفيات في المناطق التي تفتقر إليها. خلال الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا أسفرت سياستنا الاجتماعية عن نتائج. ربما لا نحدث الكثير من الضوضاء لكننا ننجز الكثير. وقد تمت المهمة بشكل جيد.
سؤال: تُنتقد الحكومة كثيرا بأنها تفتقد للديناميكية؟
الوزير: الشعب هو الحكم. لو لم يكن الموريتانيون راضين لما صوتوا لنا. لدينا 107 نائبا وفزنا بالعاصمة لأول مرة وهذه هي النتيجة. ربما يحب الناس إجراء مقارنات، لكن لكل شخص طريقته الخاصة في القيام بذلك. الرئيس هو الرئيس وهو يفعل ذلك بطريقته وهو يعمل بشكل جيد للغاية.
سؤال: برزت وجوه جديدة داخل المعارضة وطعنت المعارضة في نتائج الانتخابات الماضية. هل يهدأ المشهد السياسي مرة أخرى؟
الوزير: كان ذلك الرفض، بشكل أساسي، نتيجة الصدمة؛ بعد أن غادرت الشخصيات الرمزية في السياسة الموريتانية خالية الوفاض، ونحن نأسف لذلك. البعض ليسوا سعداء وهذا طبيعي، لكنها ليست أزمة ما بعد الانتخابات على الإطلاق. قلنا لهم: "إذا كان عندكم دليل قدموه، فالعدالة موجودة. لقد طلبوا إعادة الانتخابات، والأمر متروك للجنة الانتخابات للحكم، وليس للرئيس. في النهاية، لم يجدوا الحجج الصحيحة وعادوا للهدوء مرة أخرى.
سؤال: برأيكم، ما الذي سرع سقوط المعارضة التقليدية؟
الوزير: المعارضة مكونة من شخصيات قديمة كانت تقدم خطاب عفا عليه الزمن، وحل الشباب محلهم. وكان لسياسة الرئيس في الانفتاح ويده الممدودة دائمًا تجاه المعارضة، بما في تلك التقليدية، تأثير أيضًا. موريتانيا بلد الجميع، وليست فقط لمن هم في السلطة. من جانبنا، إذا عَددْنا أحزاب الأغلبية الأخرى، فقد حصلنا على الثلثين في الجمعية الوطنية. ولن نشبك سواعدنا؛ بل سنواصل العمل حتى يصوت لنا الموريتانيون في الانتخابات المقبلة.
سؤال: الرئيس غزواني سيترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
الوزير: ذلك ما أتمناه، وهو حقه الطبيعي.
سؤال: ما هي استراتيجية الإنصاف للعام 2024؟
الوزير: خلال انتخابات مايو الماضي، تم تنشيط فروع الحزب في جميع أنحاء البلاد. لقد جعلنا اللاعبين المحليين على دراية باختيار المرشحين. بعد استراحة قصيرة، سنستأنف بسرعة أنشطتنا السياسية في أفق الانتخابات الرئاسية. يعمل رئيس الحزب بشكل وثيق مع السلطات العليا حول القضايا الأساسية والتوجهات الكبرى.
سؤال: إذن أنتم لستم في حملة سابقة لأوانها؟
الوزير: سنكون قريبًا، أمامنا ما يقرب من عشرة أشهر، ولسنا في عجلة من أمرنا. يحتاج منتخبونا لبعض الوقت لتنظيم أنفسهم في وظائفهم الجديدة.
سؤال: هل أوفى الرئيس بجميع وعوده؟
الوزير: لقد عانينا من الكثير من المعوّقات، بين الجائحة والصراع في الدولي في أكرانيا، والتي تبرر أننا لم نتمكن بعدُ من الوفاء بجميع التزاماتنا. أستطيع أن أقول إننا عملنا بجد، خاصة خلال فترة كوفيد 19. خلال أول مجلس لوزراء الحكومة الجديدة أوصانا الرئيس، من بين أمور أخرى، بتسريع العمل لنتمكن من تعويض الوقت الضائع. سيدرك الموريتانيون أن رئيس الجمهورية يستثمر الكثير في الأولويات الأساسية، وهي التعليم والصحة وتحسين الظروف المعيشية والمشاريع الكبرى.
سؤال: هل تبدو محاكمة الفساد التي بدأت في 25 يناير 2023 بحق الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بمثابة تحذير لقادة آخرين؟
الوزير: بادئ ذي بدء، هذه ليست تصفية حسابات. يجب أن يكون كل فرد مسؤولاً عن أفعاله، حتى لو كان رئيسًا للجمهورية. إنها وظيفة وليست صفة تسمح لك بفعل ما تريد. هذا درس للجميع، بمن فيهم المسؤولون الحاليون، الذين يمكن استدعاؤهم غدًا للإجابة على أسئلة العدالة. يجب أن يكون لذلك تأثير إيجابي على صورة البلد بالنسبة للشركاء الأجانب. فهذا هو المعنى الحقيقي للمسؤولية.