بعد الحكم بقضية لطفي التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين في مأزق

ثلاثاء, 11/22/2016 - 19:22
بعد الحكم بقضية لطفي التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين في مأزق

توالت ردود الأفعال على الحكم الصادر في قضية مقتل لطفي نقض، المنتمي لحركة “نداء تونس”، القاضية بتبرئة المتهمين وهم من المنتسبين لحركة “النهضة” الإسلامية، تجاوزت بكثير مجرد رفض أو احتجاج على حكم قضائي.

من ذلك أنها تحولت إلى قضية رأي عام، في علاقة لتيار مجتمعي كبير، تجاه الموقف من التسوية السياسية التي تمخضت عن انتخابات أكتوبر 2014، في مخرجاتها المتصلة بما أصبح يعرف بـ”التوافق” بين الإسلاميين والعلمانيين، الذي سمح بتعايش هذين تيارين، وتشكيل تحالف حكومي مشترك.

بالعودة للجدل الذي صاحب الإعلان عن الحكم في قضية نقض، نشير إلى أنها أعادت المشهد السياسي التونسي إلى مناخات سنة 2012 الذي كان متسما بالانقسام السياسي والمجتمعي بين الإسلاميين وخصومهم من جهة “الديمقراطيين” أو “الحداثيين” (التسمية منهجية لا أكثر).

بما يعني أن “التوافق” السياسي بعد سنتين ما زال هشا، كما أن القبول بإدماج الإسلاميين في الحياة السياسية المدنية والديمقراطية مازال بدوره غير محل “توافق” وقبول من كافة النخب والتيارات الثقافية والسياسية التي ما زالت تعتبر أن هذا التيار يمثل خطرا على المكاسب المدنية التي تحققت زمن دولة الاستقلال.

فهناك تيار قوي يشق النخبة التونسية، يتمسك بأن للإسلاميين مشروعا لا يؤمن بالدولة الوطنية، وهو رأي زادت في تغذيته مواقف الإسلاميين المتقلبة، لعل آخرها التصريح “الصادم” لراشد الغنوشي، الذي اعتبر فيه أن “داعش” مجرد تعبيرة للإسلام “الغاضب”.

فضلا عن تواصل التنسيق بين قيادات نهضوية وجماعات عرفت بممارستها للعنف، مثل روابط حماية الثورة التي عادت للبروز بقوة بل بشكل استعراضي بمناسبة محاكمة المتهمين في قتل لطفي نقض، رافعة لنفس الشعارات “الثورية” التي رفعتها منذ سنتين، دون أن نجد تبرأ رسميا من “النهضة”، بل على العكس رأينا تعاطفا وتفهما ترجم عبر زيارة رئيس مجلس شوري الحركة (أعلى مؤسسة في التنظيم) إلى تطاوين وتهنئة المتهمين باغتيال نقض.

موقف رأت فيه القوى المعارضة للنهضة، بمثابة إعلان عن وفاة لمرحلة “التوافق” الحالية، محملة الرئيس قائد السبسي مسؤولية “هيمنة” النهضة على مؤسسات الدولة خاصة القضاء، وهو موقف في الواقع لا يخلو من “توظيف” سياسي، هدفه “تصفية” حسابات سياسية مع الرئيس السبسي وسياساته، خاصة خياره في “التوافق” مع الإسلاميين في الحكم، وبالتالي فهو موقف يرتقي للإعلان عن تشكل معارضة علنية لخيار التعايش مع الإسلاميين من جهة، وهو أيضا مؤشر عن بداية معركة الخلافة حول الحكم.

تجدر الإشارة إلى أن “التوافق” أو “التعايش” بين “نداء تونس” و”حركة النهضة” بعد انتخابات أكتوبر 2016، كان بقرار من الباجي قائد السبسي، الذي أكد في أكثر من مناسبة أنه خيار فرضته نتائج الانتخابات التي تحصل فيها حزب “النهضة” على المركز الثاني من حيث عدد المقاعد في البرلمان، ما جعل تشكيل حكومة ذات أغلبية مريحة عملية مستحيلة.

القسم: