عبد الرحمن نوح يكتب : جمال الطرح العلمي وعمقه في كتاب "وثيقة الدخول في الإسلام" للمفكر علي محمد الشرفاء

أربعاء, 12/04/2024 - 16:51

يعد كتاب "وثيقة الدخول في الإسلام" للمفكر العربي محمد علي الشرفاء الحمادي واحدًا من أعظم الأعمال الفكرية التي تطرقت إلى مفهوم الإسلام من زاوية عقلانية علمية وحديثة، بعيدًا عن التصورات التقليدية التي غالبًا ما تكون محاطة بالتفسيرات المتشددة أو المتساهلة.
يطرح الشرفاء من خلال هذا الكتاب رؤية فكرية إيمانية عميقة للإسلام، ويقدم دعوة لاستعادة جوهره النقي بعيدًا عن التأويلات التي قد تساهم في تشويه الصورة الحقيقية لهذا الدين.
في هذا الكتاب، يعرض الشرفاء فكرة "الدخول في الإسلام" ليس فقط كفعل اعتقادي، بل كمنظومة حياتية متكاملة تقوم على القيم الإنسانية والعقلانية، حيث يتناول المفكر العربي التحديات التي تواجه المسلمين في فهم الإسلام كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الحقة الموافقة للقرآن الكريم ، ويعبر عن الحاجة الملحة إلى العودة إلى النصوص الأصلية بشكل نزيه وموضوعي، بعيدا عن التأويلات المغلوطة التي قد أفرزتها أفكار متطرفة أو مُحرَّفة، عبر التاريخ، عن روح الدين.
يؤكد المفكر علي محمد الشرفاء على أن الإسلام دين عقلاني وأن القرآن الكريم نفسه يولي العقل مكانة كبيرة، ويحث المسلمين على التفكر والتدبر في آياته، بعيدا عن الفهم السطحي الذي يقلل من أهمية العقل في تفسير الدين، ويربط بين إعمال العقل والدخول في الإسلام بشكل صحيح.
كما يعد من أهم مضامين الكاتب، تركيز الكاتب على الحرية الفردية باعتبارها جزءًا من جوهر الإسلام، موضحًا أن الدين لا يجب أن يكون قيدًا على حرية الإنسان أو مصدرًا للتهديد والوعيد، مشيرا في هذا السياق إلى أن الإسلام يعترف بالاختلافات بين البشر ويحترم خياراتهم الشخصية والدينية.
لقد تناول علي محمد الشرفاء العدالة والمساوات في الكتاب من زاوية علمية مميزة، مبينا أن الإسلام ليس دينًا يعزز التفرقة بين الناس، بل هو دين ينادي بالمساواة والعدالة الاجتماعية، مناقشا في هذا الصدد مظاهر التسامح في التاريخ الإسلامي، التي تجسدها العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في العصور المختلفة.
يعبر علي الشرفاء عن قلقه من الجمود الفكري الذي أصاب بعض الأوساط الإسلامية، داعيًا إلى تجديد الفكر الديني بما يتناسب مع التحديات المعاصرة، إذ أن التصحيح لا يأتي إلا من خلال تغيير العقليات وإعادة النظر في فهم الدين وتطبيقه على أسس سليمة.
يكتسب الكتاب أهميته من كونه يقدم نموذجًا جليلا ربانيا للنقاش حول الإسلام في العصر الحديث، فبدلاً من السقوط في فخ التقسيمات التقليدية بين "التمسك بالتقاليد" و"العقلانية الحديثة"، يسعى علي محمد الشرفاء إلى بناء جسر بين هذين العالمين، مشددًا على أهمية العودة إلى الفهم الصحيح للإسلام القائم على قيم العقل والتسامح والحرية.
يتجلى من خلال ما سبق أن كتاب "وثيقة الدخول في الإسلام" يمثل دعوة صادقة للمسلمين للتفكير والتأمل في دينهم بعيدًا عن التأويلات المتعسفة والمغلوطة.
لا يقتصر الكتاب على تقديم أفكار وطرح منهجي فحسب، بل هو دعوة للعودة إلى الجذور الأصلية للإسلام بعيدًا عن الجمود الفكري والتطرف، وفي كل ذلك يؤسس ويدعو لبناء إسلام يعزز من القيم الإنسانية الحقيقية التي يمكن أن تساهم في بناء مجتمع عالمي يسوده السلام والعدالة.

القسم: