عبد الرحمن نوح يكتب : قراءة في رؤية المفكر علي محمد الشرفاء حول مصطلح "السلام" بين التعايش والاحتلال

أربعاء, 02/19/2025 - 19:40

يعتبر السلام أحد المبادئ الأساسية التي يسعى الإنسان لتحقيقها في حياته اليومية وبين الأمم والشعوب، إلا أنه وكما يوضح المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، فإن تعريف مصطلح السلام لا يتوقف فقط عند فكرة أو مبدإ التعايش بين الدول المستقلة ذات السيادة، بل يتطلب أبعادًا أعمق وأكثر دقة، وذلك عندما يتعلق الأمر بالقضايا العميقة التي تتضمن احتلال الأراضي وعدم احترام الحقوق الأساسية للشعوب.
يرى المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، أن السلام هو البحث عن صيغة توافقية بين الأطراف المتنازعة، تهدف إلى إنهاء النزاع وتحقيق التعايش السلمي بينهما، وهذا يتجسد في العلاقات بين الدول المستقلة ذات السيادة، حيث يتم قبول فكرة التفاوض والتوصل إلى حلول وسطى تضمن الحقوق لكلا الطرفين.
يبين المفكر الشرفاء، من خلال طرحه العميق وفهمه للأبعاد المختلفة للسلام، أن هذا الطرح لا ينطبق على الحالة الفلسطينية الإسرائيلية، انطلاقا من أن الواقع، يظهر أن الوضع الفلسطيني لا يعد نزاعا بين دولتين على الأراضي المتنازع عليها، بل هو احتلال مستمر من قبل إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والذي بدأ في عام 1967 وما زال قائمًا حتى اليوم.
من هنا، يوضح المفكر علي الشرفاء من خلال مبادئ أساسية وهي أن القبول بالسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل ومحاولة تحقيقه عن طريق الوساطة التقليدية هو ظلم كبير، وتجاهل صارخ للحقوق الفلسطينية.
لقد أكد المفكر الشرفاء أن السلام لا يتحقق بالقبول باستمرار الاحتلال، بل في فرض تنفيذ القرارات الدولية التي تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا يشمل قرارات مجلس الأمن الدولي مثل القرار 242 الذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة في حرب 1967، والقرار 138 الذي يؤكد على ضرورة احترام سيادة الأراضي الفلسطينية.
ومن منطلق هذا الأساس، يلاحظ المفكر أن المجتمع الدولي، وبالأخص الدول العربية، قد قبل هذا الواقع المأساوي، ولم يتخذ موقفا موحدا يضغط على إسرائيل لتنفيذ هذه القرارات، بل إن الدول العربية لم تسعى بشكل فعال إلى إلزام أعضاء مجلس الأمن بتنفيذ قراراته، وهو ما يعكس التهاون الدولي والعربي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، يظهر أن المماطلة الإسرائيلية في تحقيق السلام ليست فقط في عدم تنفيذ القرارات الدولية، إنما أيضا في عملية سرقة الأرض الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها، وهو ما يزيد من تعقيد الأوضاع، في وقت أدرك العالم فيه أن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يظهر تداخلا وثيقا بين مصالحها الاستراتيجية ومصالح إسرائيل.