
القدس العربي/ قال جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي في العاصمة أنقرة: «ندعوا جميع الأطراف المعنية إلى مواصلة الحوار والتغلب على الخلافات بطريقة سلمية»، مضيفاً: «نشعر بالحزن بسبب الوضع الحالي، وسنقوم بكل أنواع الدعم لتطبيع العلاقات».
تشكل الأزمة الخليجية التي تصاعدت، أمس الاثنين، بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى تحدياً جديداً لتركيا التي سعت على مدى السنوات الماضية من أجل تحسين علاقاتها مع دول الخليج وتمكنت من بناء «تحالف إستراتيجي» مع قطر، وأقل منه مع السعودية وعلاقات جيدة مع الكويت والبحرين، ورطبت العلاقات مع الإمارات.
ويتمثل التحدي الأكبر لتركيا التي ترى نفسها حليفاً قريباً ومهماً لقطر في محاولة الحفاظ على هذه العلاقات والموازنة بينهما، مقابل عدم الانجرار للتحول طرفاً في الأزمة وهو ما سوف يكلفها الكثير من الخسائر السياسية والاقتصادي التي هي في غنى عنها.
أنقرة التي تأخرت في إبداء أي موقف حول الأزمة طول الأيام الماضية، اضطر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، الاثنين، إلى الحديث حول الأزمة معرباً عن «حزن» بلاده الذي قال إنها مستعدة للعمل من أجل مساعدة الدول الخليجية على إعادة علاقاتها كما كانت عليه في السابق.
مصدر دبلوماسي عربي في العاصمة التركية أنقرة رفض الكشف عن اسمه ، قال إن تركيا تسعى لفتح قنوات حوار ومحاولة لعب دور الوسيط في الأزمة الخليجية، لافتاً إلى أنها تنتظر نتيجة مباحثات الكويت التي قال إنها مكلفة بالموضوع ولن تتجاوزها أنقرة في الوقت الحالي.
وحول قدرة تركيا على البقاء كطرف محايد في الأزمة، قال المصدر: «يوجد استقطاب حاد، لكن تركيا ليست في موقع يخولها خوض المزيد من المعارك رغم أنها حليف لقطر ومن الممكن للأزمة أن تجرها بشكل سريع، لذلك تحاول البحث عن مخرج للوضع يوفر على الجميع خوض حروب جانبية».
وأمس الاثنين، غطت وسائل الإعلام التركية الأزمة الخليجية على نطاق واسع، وتصدرت أخبار قطع العلاقات والتقارير أكبر المواقع الإخبارية في البلاد.
وفي هذا الإطار، علمت «القدس العربي» من مصادر تركية مطلعة أن وسائل الإعلام التركية التابعة والمقربة من الحزب الحاكم والحكومة والرئاسة تلقت تعليمات بضرورة تغطية الأزمة بـ»حساسية كبيرة» مع ضرورة «مساندة قطر دون مهاجمة السعودية».
وتخشى أنقرة التي عملت طوال السنوات الماضية من أجل بناء «علاقات إستراتيجية» مع دول الخليج العربي أن تؤدي الأزمة الأخيرة التي تعصف في العلاقات بين هذه الدول إلى تخريب جزء من هذه العلاقات وأن تجبرها على الاختيار مع أحد هذه الأطراف على حساب طرف آخر.
وفعلياً لم تصل هذه العلاقات إلى المستوى «الإستراتيجي الحقيقي» إلا مع قطر التي وقعت معها اتفاقيات لإنشاء مجلس تعاون استراتيجي وأسس البلدان فعلياً لتعاون في العديد من المجلات كان أبرزها الاتفاقيات العسكرية والدفاعية التي سمحت لأنقرة بإنشاء قاعدة عسكرية للجيش التركي على الأراضي القطرية. أما مع السعودية التي تطورت العلاقات معها بشكل لافت منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى سدة الحكم في المملكة، وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات متقدمة معها أبرزها إنشاء «مجلس التنسيق السعودي التركي» الذي لم يشهد تفعيلا حقيقيا ولم تصل العلاقات إلى درجة «التعاون الإستراتيجي» كما حصل فعلياً مع قطر، وسط هواجس كبيرة «صامتة» ما زالت تحكم العلاقة بين البلدين.
وعلى الرغم من أن تركيا التي لا ترغب في توتير العلاقات مع أي دولة جديدة سوف تكرس كل دبلوماسيتها من أجل أن لا تكون طرفاً في الخلاف الخليجي الأخير، إلا أنه وفي حال اشتداد الأزمة ستتحول إلى طرف مباشر فيها وبالتالي ستكون أقرب إلى قطر منها إلى أي دولة خليجية أخرى.
ويقول المحلل السياسي التركي باكير أتاجان: «يجب على تركيا الحفاظ على علاقاتها مع جميع الدول الخليجية وأن تسعى للعب دور الوسيط في هذه الأزمة»، لكنه لفت إلى أن «علاقات تركيا مع قطر تاريخية ومتجذرة وليست حديثة كما يعتقد البعض».
وحذر في تصريحات لـ«القدس العربي» من أن تركيا ربما تستهدفها حملات مشابهة في المستقبل، مضيفاً: «لكن المصلحة الأولى للجميع في الوقت الحالي العمل على تجاوز الأزمة».
في المقابل يستبعد مراقبون، قدرت أنقرة على لعب دور الوسيط في هذه الأزمة، معتبرين أن السعودية يمكن أن تتماشى مع أي جهود تركية ولو شكلياً، لكن الإمارات في المقابل سوف ترفض أي تدخل تركي في الأزمة لا سيما وأن المراسلات الأخيرة التي أظهرها اختراق السفير الإمارات في واشنطن كشفت عن موقف الإمارات الذي يقف على النقيض تماماً مع تركيا