ديفيد أغناطيوس...حين يتعلق الأمر بقطر

سبت, 06/17/2017 - 15:55
ديفيد أغناطيوس...حين يتعلق الأمر بقطر

أزعج الحصار المفاجئ لقطر من قبل الإمارات العربية المتحدة والسعودية وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون، مثيراً انتقادات حادّة للحليفين الخليجيين القريبين.

الصفعة القطرية فتحت أيضاً نافذة مثيرة للاهتمام على العمل الداخلي لفريق ترامب للسياسة الخارجية. إذ إنها من الحالات النادرة التي بدا فيها أن وزير الخارجية ريكس تيليرسون، الرجل الهادئ في فريق ترامب، أقنع الرئيس بالتراجع عن موقفه الأولي. يعبّر مسؤول في البيت الأبيض عن الأمر بالقول "لندع ريكس يتولّى الأمر" أقلّه الآن.

إن إعلان محاصرة قطر في الخامس من حزيران فاجأ الولايات المتحدة على مستويات عدة كما قال مسؤولون. كان الأمر بمثابة إملاءات من دون مطالب واضحة أو مسار للحلّ. توقيته بدا محرجاً حيث جاء مباشرة بعد مشاركة الرئيس ترامب في قمة إقليمية في الرياض في السعودية، والتي بدت فيها قطر مشاركاً مهماً، كما جاء في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تطلق المرحلة الأخيرة من حملتها للقضاء على متطرفي داعش في الرقة في سوريا.

بعض المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى رأوا في خطة مقاطعة قطر خطوة غير ناضجة، تسببت في تصعيد خلاف بين الحلفاء يمكن أن تكون له عواقب غير مقصودة، وفي جعل إيران وغيرها من الخصوم المشتركين المستفيدين المحتملين.

شعر وزير الدفاع جيمس ماتيس بالخشية من أن يهدد الحصار العمليات الأميركية في قاعدة العديد الجوية جنوب الدوحة والتي تعد أهم قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة.

سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة اعترف بانتقاد الخارجية والبنتاغون لخطوة بلاده لكنه قال في مقابلة إن على الولايات المتحدة أن تنظر إلى الأمر على أنه فرصة لتقليص دعم قطر للتطرف في المنطقة أكثر من كونه أزمة بحاجة لأن ينزع فتيلها.

وقال العتيبة "إن لائحة المطالب الرسمية لقطر لم تنجز بعد نظراً للتنسيق بين الدول الأربعة الرئيسية المقاطعة، مصر والبحرين والسعودية والإمارات، مضيفاً أن "الرسالة لقطر ستكون التالية: إذا أردت أن تكوني جزءاً من فريقنا فهذه لائحة واضحة بالأمور التي عليك القيام بها. وأضاف العتيبة أن العديد من المطالب ستركز على الالتزامات التي قامت بها قطر في 2014 لجهة تقليص دعمها للجماعات المعارضة في الدول المجاورة لها. 

حين أعلن الحصار، كان هناك عدم تنسيق واضح في السياسة الخارجية. في 5 حزيران/ يونيو قال تيليرسون من أستراليا "بالتأكيد نحن نشجع الأطراف على الجلوس معاً ومعالجة الخلافات بينهم"، مريداً بذلك تهدئة النزاع العائلي العربي قبل أن يحتدم ويصبح أكثر عنفاً.  

لكن غريزة ترامب دفعته إلى جانب السعوديين والإماراتيين. حيث غرّد في 6 حزيران/ يونيو "خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط قلت إنه لن يكون هناك بعد اليوم تمويل لإيديولوجية التطرف. فأشار الزعماء إلى قطر. على نطاق أوسع، يقول أحد المسؤولين إن ترامب يعتقد أنه على الولايات المتحدة عدم محاولة حلّ المشاكل في الشرق الأوسط وترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي بدلاً من ذلك.

لكن خلال الأيام العشرة اللاحقة قرر ترامب تكليف تيليرسون بمسؤولية التفاوض من أجل التوصلّ إلى حل. الأمر يعكس في جزء منه أخذ البيت الأبيض بعين الاعتبار علاقات تيليرسون الشخصية في الخليج التي استمرت عقوداً يوم كان مديراً لإكسون موبيل.

في 6 حزيران/ يونيو أشار تيليرسون إلى خبرته الطويلة في المنطقة مع احتدام الأزمة قائلاً "على مدى 15 عاماً تعاملت مع القيادة القطرية لذلك نحن نعرف بعضنا على نحو جيد. أعرف والد الأمير جيداً. وأعرف الأمير الحالي"، كما أنه على معرفة أيضاً بالزعماء السعوديين والإماراتيين.

وتعكس مخاوف ماتيس بشكل جزئي رغبته بحصر الاهتمام بداعش. ويقول ضباط إن الهجوم الأخير لاستعادة الرقة الذي بدأ قبل أسبوع يسير على نحو أفضل من المتوقع. ويبلغ تعداد القوة المهاجمة المدعومة من الولايات المتحدة أكثر من 40 ألف، 35 إلى 50 بالمئة منهم من العرب المحليين والآخرون من الكرد.

وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية قال إنه سيكون لدى المسؤولين القطريين في المفاوضات المقبلة هامشاً للمناورة من أجل التوصل إلى اتفاق لا يهدد سيادة قطر.

في حال حصول ذلك فإن النزاع العائلي العربي في طريقه إلى الحل وستحظى مقولة "فلندع الأمر لتيليرسون" بإعجاب الإدارة التي لا تزال تتعلم اللعب على الحبال الدبلوماسية.

بقلم/ ديفيد أغناطيوس