إيران: وصراع النفوذ في المنطقة

سبت, 06/24/2017 - 17:51
إيران: وصراع النفوذ في المنطقة

أطلق الحرس الثوري الإيراني ليلة الأحد – الاثنين عدداً من الصواريخ الباليستية من محافظة كرمنشاه، الواقعة غرب إيران، باتجاه أهداف لتنظيم داعش في منطقة دير الزور شمال سوريا.

ووفق الإعلان الرسمي في وكالة الأخبار الإيرانية "تسنيم" فإن عملية الإطلاق جاءت رداً على الهجوم الإرهابي الذي قام به داعش في بداية الشهر واستهدف بناء البرلمان وضريح الخميني، وأدى إلى مقتل 18 شخصاً. وفي أعقاب هذه العملية المزدوجة اتهم الحرس الثوري السعودية بالهجوم وأكد بأن "سفك الدماء الطاهرة لن يمر من دون رد مناسب".

ولا بد أن المنظومة الأمنية في إسرائيل ستقوم بدراسة الخطوة الإيرانية الأخيرة وتداعياتها أيضاً، ولكن يبدو أن إيران تدشن مرحلة جديدة في الصراع على النفوذ في المنطقة، وهذا يتطلب رداً مشتركاً من الولايات المتحدة و"التحالف السني" بقيادة السعودية.

وتشكل عملية إطلاق الصواريخ الحالية سابقة لعدة أسباب: فهذه هي المرة الأولى الني تنفذ فيها إيران إطلاق عملي لصواريخ أرض - أرض إلى أهداف خارج حدودها منذ الحرب الإيرانية العراقية (قبل حوالي 30 سنة)، وكان الإطلاق الاختبار العملي الأول لصواريخ شهاب التي تطورها إيران منذ أكثر من عقد من الزمن، كما أن الإطلاق يشكل نمط عمل جديد في التدخل الإيراني في الحرب في سوريا. 

إن عملية إطلاق الصواريخ ضد أهداف داعش في سوريا هي عملية رمزية، ذلك أن الضرر الذي يمكن للصواريخ أن تتسبب به هو ضرر صغير جداً مقارنة مع آلاف الأطنان من القنابل التي تلقيها طائرات التحالف وسلاح الجو الروسي على معاقل داعش في سوريا. صحيح أن إيران، من ناحيتها، قد برَّت بوعدها للانتقام من عملية داعش في طهران إلا أنه يبدو أن هدف الصواريخ كان نقل رسالة أوسع من الرسالة الموجهة لداعش.

لقد تم إطلاق الصواريخ فعلاً باتجاه أهداف لداعش في سوريا، وهو العدو الذي يوجد إجماع جارف حول ضرورة ضربه، إلا أن التوقيت والرسالة كانا للولايات المتحدة ولحلفائها في الشرق الأوسط. فعملية إطلاق الصواريخ جرت بعد يوم واحد تقريباً من فرض واشنطن عقوبات جديدة على الحرس الثوري في إيران. ويأتي نظام العقوبات الذي يفرضه "المعسكر السني" بزعامة السعودية على قطر لعدة أسباب من بينها اقترابها من إيران، وبعد أسابيع معدودة من زيارة الرئيس ترامب، الذي يعمل على بلورة تحالف معادٍ لطهران في الشرق الأوسط.    

لقد اختارت إيران، على ما يبدو، إطلاق الصواريخ بشكل علني كاستعراض للقوة وكتحدٍ للسياسة الأميركية، ومع رسالة واضحة بأن إيران تمتلك القدرة العملياتية لضرب الأهداف العسكرية الخاصة بــ "المعسكر السني" والولايات المتحدة وإسرائيل، وقت تشاء، وبذلك خَلْق ميزان ردع جديد في المنطقة.

ويبدو أن طهران قد تعلمت من ردود واشنطن تجاه سياسة التحدي التي تنتهجها كوريا الشمالية، بما في ذلك إطلاق الصواريخ الباليستية، الذي ظل من دون رد على الرغم من التهديدات الأميركية. كما اختارت ردها المشروع ضد داعش بهدف إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة ولبقية دول المنطقة بشكل غير مباشر.

لقد زودت إيران التنظيمات الدائرة في فلكها بالصواريخ – مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وأنصار الله في اليمن – وقام هؤلاء باستخدام الصواريخ التي حصلوا عليها من طهران، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إيران بالذات باستخدام صواريخ باليستية لمهاجمة أهداف في المنطقة، وفي هذا رسالة جديدة مفعمة بالتهديد.

لا بد أن المنظومة الأمنية في إسرائيل ستقوم بدراسة الخطوة الإيرانية الأخيرة وتداعياتها أيضاً، ولكن يبدو أن إيران تدشن مرحلة جديدة في الصراع على النفوذ في المنطقة، وهذا يتطلب رداً مشتركاً من الولايات المتحدة و"التحالف السني" بقيادة السعودية.