التعديلاتُ الدستوريةُ... لماذا نعم؟

خميس, 07/06/2017 - 13:12
التعديلاتُ الدستوريةُ... لماذا نعم؟

قال تعالى : " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ " و في آية أخرى " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ صدق الله العظيم.

الدستور اصطلاحا هو وثيقة جامعة للأمة، تحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة و تنظم السلطات العامة من حيث الاختصاصات و العلاقات ، و هي مصدر للقوانين الملزمة للجميع و تَغييرُها للضرورة "ضرورة" ،و أي تغيير لمواد الدستور لا يحترم الآلية المتعارف عليها يُعدُ خروجا عليه ،و يتكفل المجلس الدستوري بتفسير و حماية الدستور من كل ما يناقضه روحا و نصا.

في موريتانيا ظهر أول دستور للجمهورية عام 1991 بعد تبني ؤلدولة حينها للديمقراطية التي تستوجب مقتضياتها وجود دستور يؤطر المسار الديمقراطي و يحدد شكل الحكم ، و من أبرز ما تمخض عنه الدستور حينها ، إقرار التعددية الحزبية بوصفها الضامن الوحيد لديمقراطية حقيقية واحترام حرية الرأي و التعبير ، كما بيَّن أيضا دور السلطات التنفيذية ، القضائية و التشريعية وحث أيضا على احترام مبادئ الدين الإسلامي بصفته دينا للشعب و الدولة و مصدرا للتشريع. بعد انقلاب 2005 وخلال المرحلة الإنتقالية نظمت أيام تشاورية ، نتج عنها إجراء تعديلات دستورية من أبرز ما جاء فيها تحديد المأموريات الرئاسية باثنتين.

دعى رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ، مرات عديدة إلى الحوار حرصا منه على مشاركة كل الموريتانيين في صناعة مستقبلهم وحل مشاكلهم بأنفسهم ،وقد استجاب الموريتانيون بمختلف تشكيلاتهم الحزبية و النقابية لدعوة الرئيس ،و قاطع المنتدى المعارض كعادته بهدف تعطيل أي إجماع أو توافق سياسي يمكن أن يحسب لرئيس الجمهورية حتى وإن كانت فيه مصلحة لموريتانيا

وقد خلص المشاركون في الحوار إلى ضرورة إجراء تعديلات دستورية من أبرز ماجاء فيها:

أولا:إلغاء مجلس الشيوخ و إنشاء مجالس جهوية يعتبر إلغاء مجلس الشيوخ من أبرز القرارات التي خلص إليها الموريتانيون نتيجة لأهمية المجالس المحلية التي ستحل محل مجلس الشيوخ، و التي ستمكن ساكنة كل ولاية من المشاركة في صنع القرار المحلي ووضع بصمة محلية على كافة المشاريع التنموية ، كما أن هذا القرار يدعم اللامركزية التي ستمكن من تثبيت السكان في مناطقهم و خلق نشاط اقتصادي قادر على توفير فرص للعمل و زيادة في الإنتاج المحلي.

ثانيا: دسترة السلطة العليا للفتوى و المظالم ، التي ستوكل لها مهام المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية. يعتبر دمج هذه الهيئات في مؤسسة واحدة من أبرز مخرجات الحوار الوطني الشامل، لوجود تداخل وتشابك في الاختصاصات بين هذه الهيئات و دمجها في مؤسسة واحدة ستنتج عنه فعالية في الأداء و ترشيد للموارد المالية. ثالثا : إلغاء محكمة العدل السامية

تتشكل هذه المحكمة من أعضاء منتخبين و بعدد متساو من بين أعضاء الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ،و هي مختصة في محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى،فهل البرلماني مؤهل مهنيا لشغل منصب القاضي الذي تتنافى صفته مع السياسي كما أن وجود محكمة ( سلطة قضائية ) أعضاؤها من البرلمان ( سلطة تشريعية ) يتنافى مع روح الدستور و مضمونه الذي ينص على مبدإ الفصل بين السلطات.

وقد أجمع المتحاورون على ضرورة تعزيز دولة القانون والعدالة الإجتماعية واتخاذ الإجراءات التى تضمن الفصل الفعلي للسلطات،ودعم القوات المسلحة فى مهمتها الأساسية،و التصدى للدعايات المغرضة التى تستهدف الوحدة الوطنية و تعزيز علاقات الصداقة والتعاون مع دول الجوار والدول العربية والإفريقية بصورة عامة وجميع الشركاء.

شعبنا العزيز إن المرحلة التاريخية التي يمر بها بلدنا الآن ، تُحتم علينا جميعا الاتحاد من أجل الجمهورية، جمهورية ترسخ مفهوم الحوار و التشاور و إشراك الجميع في صناعة القرار، الذي تجسد في مشروع التعديلات الدستورية التي ندعو كافة أبناء شعبنا الأصيل إلى التصويت لها بنعم ، لما سترسخه من تكريس لنهج الديمقراطية و دولة القانون. عاشت موريتانيا متحدة و قوية .

بقلم/  المُهندس اسماعيل السعيدي