هل يتاجر بيجل بمآسي ساكنة روصو

أحد, 12/25/2016 - 19:12
هل يتاجر بيجل بمآسي ساكنة روصو

عادت أزمة بلدية روصو من جديد للواجهة، لكن هذه المرة بقوة وبشكل متصاعد ألقى بظلاله على حياة الناس، وحوّل عاصمة اترارزة، وبوابة البلاد الجنوبية، إلى مكب كبير للنفايات، ومستودع للروائح الكريهة.

 

عادت الأزمة بعد أشهر من إعلان بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام الذي يقود بلدية روصو، وضع حد لهذه الأزمة وتسويتها بشكل نهائي، وذلك بعد لقاءات ماراتونية عقدها مع رئيس البلاد في القصر الرئاسي، وهي نفسها اللقاءات التي كانت محضرة لـ "الحوار الثاني" الذي لعب فيه ولد هميد دور المعارضة بشكل مثير.

 

أزمة بلدية روصو باتت في بلد مطوق بالأزمات، أبرز قضية شغلت الرأي العام، محليا ووطنيا، وذلك كونها تتعلق بمحاولة "بلوكاج" التسيير البلدي لذلك المارد الذي أغرق سفينة الإتحاد في يوم انتخابي مشهود، كان كفيلا بجعل شهرته تطير في الآفاق.

 

بداية الأزمة ..

 

 لم تمض أكثر من سنة على تسلّم سيدي محمد جار مفاتيح بلدية روصو، حتى بات الحديث يتزايد عن الدور الخفي الذي يقوم به الخازن الجهوي لعرقلة برامجه.

 

وكانت التصريحات التي أدلى بها العمدة النائب جار في مقابلة مفصلة مع "وكالة أنباء لكوارب" أول تصريح رسمي موجه للرأي العام يعلن من خلاله الرجل وجود هذه الأزمة، بل أكثر من ذلك يعتبر أن "بيت مال المدينة" بات مأوى للناقمين على العمدة، الهاربين من "خططه الإصلاحية" التي يقول إنه بدأ تنفيذها فور تسلمه مقاليد الأمور بعاصمة الأرز والجمال.

 

وقد كانت تلك التصريحات بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، ولم يعد "الخازن" يكتم وقوفه ضد العمدة وحوارييه، ورغم أن البعض يرى أن "الخازن" لم يزد على أن قام بإجراءات تدخل في صميم اختصاصاته، وأنه مطالب أكثر من أي وقت مضى بالعمل على "تحصين قراراته" هربا من جحيم "بير أم اكرين"، الذي لا ينجو منه إلا "ذو حظ سلطوي عظيم"، فإن وقوف "الخازن" بهذه القوة، وضرب القرارات الإدارية عرض الحائط، ورفض تعليمات والي الولاية، والمجاهرة بـ "معصية" خلق "بلوكاج" لحزب "إداري" لا يتورع زعيمه عن وصف انجازات الرئيس بـ "العظيمة" .. يثير هو الآخر أكثر من سؤال حول من يقف خلف الرجل، ومن يشد عضده ..!؟

 

ومن المثير في قضية خازن روصو أن العد التنازلي لأزمته مع بلدية روصو، بدأ تحديدا من اللحظة التي قاطع فيها أعضاء المجلس البلدي المنتمين لحزب الإتحاد من أجل الجمهورية جلسات المجلس، فهل هو تدبير محكم، أم أنها مصادفة فقط ..؟؟

 

مهرجان وحملات الوئام ..

 

لم يخف حزب الوئام "ظاهريا" وقوفه إلى جانب عمدة روصو ومجلسها البلدي، وأصدر المكتب التنفيذي للحزب بيانا شديد اللهجة أدان فيه بشدة ما يحدث في بلدية روصو، معلنا عن تنظيم مهرجان جماهيري في المدينة لإعلان دعم الحزب لعمدته، في حين اشفع ذلك بخرجات إعلامية منسقة لقادته استفاضوا خلالها في الحديث عن الأزمة، وتفسير قانون الترحال السياسي، الذي اعتبره "زعيم الوئام" ابرز غنائم ومكتسبات "حوار 2011".

 

لقاءات في القصر وأخرى في البيت ..

 

وفي موازاة مع حملة الحزب لم يتردد ولد هميد في طرق أبواب القصر الرئاسي، معلنا أن حديثه مع الرئيس دار حول الأزمة، ودعوته إلى البحث عن مخرج لها.

 

وفي المقابل أعلن عن لقاء عقده العمدة النائب سيدي محمد جار مع عضو مجلس الشيوخ عن مقاطعة روصو، ورئيس المجلس محسن ولد الحاج استمر لساعات، قيل حينها إنه ساهم في إذابة كتلة الجليد بين الرجلين.

 

وفجأة أعلن بيجل ولد هميد في خرجة إعلامية "منسقة" عن وضع حد لهذه الأزمة، وتجاوز كل مخلفاتها، في حين تقول مصادر خاصة لـ "وكالة أنباء لكوارب" إنه سرّب لبعض وسائل الإعلام ما أشيع حينها عن إقالة الخازن الجهوي بروصو.

 

أسئلة في محلّها ..!!

 

ومن المناسب هنا أن تطرح الكثير من الأسئلة الهامة علّها تساهم في فهم ما يجري بمدينة روصو.

 

ـ لماذا أعلن بيجل تسوية الأزمة من القصر الرئاسي، وساعات قبل أن يصعد الطائرة مع "صاحبه" متوجها إلى النعمة التي أعلن منها الأخير نيته إطلاق "حوار سياسي" بمن حضر؟

 

ولماذا يختفي تماما القاموس "العمري" الذي تدثر بها "القوي الأمين .. خازن روصو" حين تلتقي الإرادات السياسية وتعلن عن حل لأزمة روصو، فمتى كانت الأزمات التسييرية القانونية تنتهي بإرادات سياسية معلنة من "القصر والبيت"؟

 

ولماذا يكون ترويض خازن روصو يمر حتما عن طريق لقاءات بيجل مع عزيز وجارا ومحسن، خصوصا أن الرجل أعلن مرات عديدة أن المسألة قانونية صرفة؟؟

 

ولماذا عادت أزمة روصو من جديد للواجهة حين بدأ الحديث على نطاق واسع عن "علاقات متوترة" إلى حد ما بين "بيجل جار" وصلت حد الحديث عن نية الأخير تأسيس حزبه الخاص ؟

 

 

أسئلة كثيرة تقفز إلى الأذهان، وربما يكون الجواب عليها عاملا مساهما في فهم ما يجري في مدينة روصو، وهي كلها تدور في فلك سؤال أكبر وأكثر أهمية، يتعلق بإمكانية أن يكون بيجل ولد هميد يتاجر بمآسي روصو، ويسعى إلى اختطاف مصالح المدينة لفترة من أجل تحقيق مآرب شخصية ..؟؟

 

وهي نفسها التهمة التي حاول كثير من الكتاب لفت الانتباه إليها غداة إعلان العمدة والمجلس المنضوي تحت لوائه تقديم استقالاتهم لولد هميد، الذي استلمها منتشيا، معلنا أنه سيراجع الأمر في "صمت مداولاته".

 

روصو .. الخاسر الأكبر !!

 

ومهما يكن من أمر فإن عاصمة الولاية السادسة، مهبط "الإشارة والإمارة"، وساكنتها هم الخاسر الأكبر في هذه القضية، التي ينظر إليها بعض المتابعين على أنها أكبر عقاب جماعي تشهده موريتانيا منذ سنوات، ينفذه رجال النظام "المعلن عنهم"، و"المستتر" بعضهم تحت عباءة "المعارضة".