1- إن العلاقة بين الله والإنسان علاقة فردية وعند الحساب يوم القيامة يحاسب كل إنسان على عمله وسيجازيه الله جنة النعيم أو نار الجحيم.
2- إذا صلح الفرد صلح المجتمع والله لم يبعث رسوله عليه السلام لتكوين فرقًا إسلامية وأحزاب ونهى عن ذلك بقوله سبحانه مخاطبًا رسوله: (إِنَّ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم وَكانوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم في شَيءٍ إِنَّما أَمرُهُم إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِما كانوا يَفعَلونَ) (الأنعام: 159)
فالله سبحانه يأمر الناس جميعًا بالاعتصام بكتاب الله وحده حتى لا يتفرقوا وتتعدد مرجعياتهم ويحدث التناقض بينهم ثم يتحول إلى صدام وصراع ينشر الخوف والفزع في المجتمع وتحل الفوضى محل السلام والخراب محل التعمير والبناء ولذلك أمرهم بقوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (ال عمران: 103)
كما حذرالمسلمين بقوله: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ) (الأنفال: 46)
العقد المقدس يحكم العلاقة بين الله والإنسان
ولو التزم كل مسلم بالعقد المقدس وهو القرآن الكريم راسمًا خارطة الطريق لحياة طيبة للإنسان وفي الآخرة جنات النعيم إذا طبّق التشريع الإلهي والمنهاج الرباني، وعرفه مسؤولياته تجاه خالقه والتزم بشريعة الله في قرآنه وطبق المنهاج الأخلاقي وما يدعو إليه سبحانه من الأخلاق العظيمة والرحمة والعدل والحرية والإحسان وتحريم العدوان والدعوة للتعاون والإحسان لكل إنسان؛ لأصبحت المجتمعات الإنسانية تعيش في أمن وسلام وعيش كريم.
كي يتم بناء الأسرة المسلمة والفقهاء اتبعوا الشريعة اليهودية في التعامل مع المرأة عقيدتهم تعتبرها بأنها المذنبة التي أغرت آدم وتسببت في إخراجه من الجنة.
وعلى ذلك المفهوم استبد الرجال بالتشريع لكل ما يخص المرأة وتحكموا في حقوقها وتم التعامل معها على أساس من الدونية وأنها لا تصلح إلا للخدمة والمتعة وليس لها حقوق، فوقع على الأنثى ظلم كبير.
استباحة حقوق المرأة بالطلاق الشفهي
وفي ذلك المحيط من النظرة الدونية يتوارى العدل وتحدث المشاكل بين الزوجين وتنهار الأسرة لأن الذكور استحوذوا على كل الحقوق واستباحوا حق المرأة إلى درجة بكلمة واحدة من الرجل ينطقها شفهيًا بقوله (طالق) يقضي على الأسرة ويضيع الأطفال في غياب العدل الإلهي الذي أهمله الفقهاء في القرآن الكريم عندما وضع الله قاعدة المساواة بين الذكر والأنثى في قوله سبحانه: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء: 124)
بالرغم من الآية المذكورة والآيات الأخرى التي تؤكد على المساواة بين الذكر والأنثى إلا أن بعض شيوخ الدين في الأزهر وغيره من خريجي المعاهد الدينية اتباع المذاهب المختلفة لا يعترفون بحكم الله بشأن المساواة بين الذكر والأنثى؛ بل تتحكم في أفكارهم عادات وروايات إسرائيلية وفق العقيدة اليهودية لتحميل الأنثى مسؤلية خروج آدم من الجنة وارتكابها الخطيئة الأولى عند خلق آدم.
المرأة في الشريعة اليهودية
وعليه حسب قناعة الشريعة اليهودية لا يجب أن تعامل الأنثى مثل الذكور في الحقوق والمساواة كإنسان بينما يبرئ الله سبحانه الأنثى من تلك التهمة الظالمة في قوله: (فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ ﴿20﴾ وَقاسَمَهُما إِنّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحينَ ﴿21﴾ فَدَلّاهُما بِغُرورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ ﴿22﴾ قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ ﴿23﴾) (الاعراف: 20-23)
تؤكد الآيات المذكورة أن الله حذر كلاهما آدم وزوجته من اتباع الشيطان وحرم عليهما الأكل من الشجرة مما تعني الآيات بأن الله سبحانه لم يتهم الأنثى وحدها بارتكاب المعصية، وهذه الآيات تبرئة للأنثى مما وقع عليها من ظلم في شريعة أهل الكتاب والتي أصبحت المرجع الرئيسي لفقهاء المسلمين في عداوتهم للأنثى والتي جعلتهم يضعون من التشريعات ما يتعارض مع شريعة الله في القرآن الكريم الذي برأ الأنثى من الخطيئة الأولى، وحكم على الاثنين الذكر والأنثى يتحملان المسؤولية.
العلاقة بين الله والإنسان أساس المعاملات بين الزوجين
وتلك العدالة الإلهية التي تساوي بين الناس جميعًا فلا ميزة لأي إنسان إلا بالتقوى والعمل الصالح فكيف يتحدثون عن أهمية الأسرة والتي لم تؤسس على شرع الله ويكون الأساس للعلاقة بين الزوجين مبنيًا على قوله سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)
وهذا الخطاب الإلهي موجه للاثنين الذكر والأنثى وليس محصورًا للذكور فقط، فهل توجد المودة والرحمة بين الزوجين عند المسلمين؟ أم تكون العلاقة بين السيد والعبدة واجبها الخدمة في البيت وعقابها بالضرب أوالطرد من البيت؟
مهضوم حقها ومستباحة لا صوت يعلو على صوت الزوج؛ تسمع الأمر فتطبع دون مناقشة وفي غياب العدالة والرحمة والمودة تحدث المشاكل بين الزوجين؛ فينشأ الأطفال في جو مشحون من الغضب والصراخ ويرون ما يقع على والدتهم من ظلم وشتائم واحتقار ، يكبر الأطفال في جو مشحون بالغضب والتهديد مما يؤثر في نفسياتهم وعلى سلوكياتهم عند الكبر.
هل ذلك هو الإسلام الذي جاءت تشريعات الله بالرحمة والمودة والعدل؟
قبل أن يتحدثوا عن الأسرة عليهم أن يراجعوا دينهم الذي تم تشويهه من قبل شيوخ الدين والشياطين الذين خلطوا بين الشريعة اليهودية وبين رسالة الإسلام؛ فطغت روايات اليهود على المسلمين وضاع العدل وتفرق المسلمون فرقًا وطوائفًا. يقطعون رقاب بعضهم منذ وفاة الرسول عليه السلام إلى اليوم.
لذلك لا بد من إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية بحيث تكون مرجعيته الوحيدة القرآن الكريم وأن يتم تشكيل لجنة متساوية من الرجال والنساء من المتعلمين قضاة أومحامين، أو ترشح الجامعات أساتذة في اللغة العربية تشترك معهم اللجنة التشريعية في مجلس النواب؛ لتصحيح مسار العدالة التي أمر الله أن يحكم بها ليتحقق التوازن الاجتماعي دون عدوان طرف على الآخر، وأن يتوافق قانون الأحوال الشخصية مع التشريع الإلهي الذي يحمي حقوق الناس جميعًا دون ظلم وقهر واعتداء.