تفخر منذ يوم امس العديد من الاوساط العربية والافريقية بالدعوي التي رفعتها دولة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل بتهمة الابادة الجماعية لسكان مدينة غزة.
والسؤال المطروح كيف ان هذا البلد الافريقي الذي ليس مسلما ولاعربيا من كل بلدان العالم يقدم علي هذه المبادرة مساندة للحق ولنضال الشعب الفلسطيني الذي تتصدره حركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام؟
اولا لان هذا البلد الذي عرف نظاما للتمييز العنصري راكم تجارب نضالية كونت في مجتمعه ضميرا جمعيا مبنيا علي المواطنة والانتماء الوطني الحقيقي.
ثانيا ان هذا البلد متعدد الاعراق عرف كيف يجد ارضية تتوفر فيها بشكل كامل حقوق كل القوميات في اطار وحدة وطنية لاينظر فيها الي الانسان الا من خلال قدراته وكفاءته.
ثالثا تمكن هذا البلد من تجاوز سلبيات الانتماء العرقي والطائفي والقبلي واستبداله بالانتماء الوطني الضامن لحقوق الجميع بعيدا عن الاقصاء والتهميش والدونية التي مازالت تنخر جسم الكثير من مجتمعاتنا العربية والافريقية.
رابعا ان توفر هذه الشروط وغيرها من الظروف الايجابية الاخري جعلت الدولة بدلا من تسيير تناقضات الاعراق والطوائف تنصرف الي عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية وتوفر شروط العيش الكريم لمواطنيها و بالتالي التطلع الي لعب ادوار ايجابية خارج حدودها علي اساس مبادئها ومنظومة قيمها السياسية القاضية بمساندة القضايا العادلة والوقوف الي جانب الشعوب التي تطمح الي تحقيق حريتها وتقرير مصيرها.
فما اجمله من درس ينبغي ان تتعلمة الكثير من البلدان الافريقية و العربية خاصة التي تعتبر انها الاقرب لفلسطين.
ان العبرة داخل الوطن الواحد او خارجه ليست في الانتماء الضيق لهذه الطائفة او الشريحة او العرق وانما في الاخذ بمبادئ وقيم سياسية وانسانية مفارقة لتلك الاعتبارات.