دعوة لاتباع آداب القرآن وقيمه الفاضلة
التكليف الإلهي للرسول الأمين (صلى الله عليه وسلم) وحقيقة سنته
يهدي المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي الجزء الخامس من كتاب «ومضات على الطريق» إلى الذين يبحثون عن طريق الحق المستقيم وسط الظلام.
يقول المفكر الشرفاء في مقدمة هذا الجزء بـعنوان «التكليف الإلهي للرسول الأمين (صلى الله عليه وسلم) وحقيقة سنته»: بعدما أحالت الروايات آيات القرآن الكريم تحت الركام، فضلَّلوا المسلمين وأدخلوا في عقولهم عقائدًا ومذاهبًا تودي بهم إلى الجحيم، ويُسأَلون يوم الحساب:
هل اتبعتم كتاب الله تشريعًا ومنهاجًا من أجل فوزكم يوم الحساب بالنعيم، أم سلكتم طريقًا أضعتم فيه دينكم واستدرجكم بعضُ المجرمين نحو المزاعم والأقاويل؟
ما لكم لا تقرأون كتابَه لتعلموا عِلم اليقين أن الرحيم يدعوكم كي يعيش الآمنين رحمة وعدلًا وسلامًا للمؤمنين، فاتخذتم كتابه خلف ظهروكم وكنتم به كافرين، وأبدلتموه بالرواة وأقوال الشياطين، يحرضونكم على قتل الأبرياء، وينشرون الفتن بين المسلمين، كي يستبيحوا حقَّهم.
مهمة الرسول الكريم
ويوضح المفكر الشرفاء الحمادي مهمة الرسول الكريم: هذه الآيات تبين للناس أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم لاتباع ما نزل عليه من آيات القرآن الكريم، وتطبيق ما فيها من التشريعات والعِظات الإلهية، وما تدعو إليه من عبادة الله الواحد الأحد باتباع آداب القرآن وقيمه الفاضلة، وتعامل الناس فيما بينهم كما بلغهم به الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم مِن الابتعاد عن المحرمات والظلم والطغيان.
وأن يتعامل الناس فيما بينهم بالرحمة والعدل والرأفة والإحسان، ونشر السلام في المجتمعات الإنسانية ليتحقق لهم العيش الكريم في ظل الأمن والتعاون والوئام، وأن الله سبحانه كلَّفه بمهمة عظيمة للبشرية جمعاء بأن واجبات الرسول تتلخص في تبليغ الناس آيات ربه، ويشرح لهم ما فيها من الحكمة، ويبين لهم في آيات القرآن ما ينفع الناس في الدنيا والآخرة، تنفيذًا لتكليف الله بقوله: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)- النور: 54
وقال سبحانه مخاطبًا رسوله: (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ۚ وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )- المائدة : 76
وقال أيضًا سبحانه: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)- الأعراف : 28
طلب التوبة والمغفرة
وقال سبحانه فاتحًا باب التوبة لعباده في كل وقت للرجوع إليه مؤمنين به مخلصين له الدين، يطلبون منه المغفرة والاستجابة لتوبتهم عما فعلوه من ذنوب وعصيان لأمره، فيناديهم بواسطة رسوله ليبلغهم بدعوة الله لهم:
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)- الزمر :53
وقوله سبحانه: ( وَلا تَدعُ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظّالِمينَ ) – يونس: 106
وقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)- المائدة: 67
وقال سبحانه: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ)- النحل: 125
خطاب التكليف في القرآن الكريم
تلك بعض الآيات التي تحدد مُهِمَّة الرسول صلى الله عليه وسلم المكلَّف بها من ربه، وهي إبلاغ الناس بآياته وتشريعاته وأخلاقياته وقواعد العلاقات الإنسانية والمعاملات بين البشر جميعًا، أساسها الرحمة والعدل والحرية والسلام والإحسان، وعدم الإعتداء على حياة الناس، وتحريم استباحة أموالهم، وأداء واجبات العبادات والتمسك بأخلاقيات القرآن وقِيَمِه الفاضلة.
تلك هي مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم التى أمره الله سبحانه في خطاب التكليف- القرآن الكريم- ليبلغها للناس، وهي التي سيُحاسَب عليها الإنسان عن مدى إتباعه آيات القرآن الكريم وتطبيقها على أرض الواقع، حيث سيكون المنهاج الوحيد الذي سيتم تطبيق بنوده على الناس يوم القيامة عند الحساب، وستكون أسئلة الإمتحان مُستمدَّة من الآيات ومقاصد التشريعات.
قاعدة التكليف
ولم يكلِّف اللهُ تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم بغير ذلك، كما أن الله سبحانه أوضح لرسوله قاعدة التكليف في قوله تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ(44))- الزخرف: 43 -44
فاللهُ تعالى يأمر رسولَه صلى الله عليه وسلم بالتمسك بكتابه- القرآن الكريم- ليبين للناس الطريق المستقيم، وأنه ذِكرٌ لرسوله ولقومه وللناس أجمعين، لأن الله سيسأل الناس عن مدى اتباعهم القرآن يوم القيامة، ولن يسألهم عما سُمي بالسُنَّة وأحاديث أئمة الشيعة وغيرهم من الملل المنتسبين للإسلام وما نقلته الروايات والإسرائيليات من البهتان والأكاذيب المؤسسة على الروايات المفتراة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
هجر القرآن
لأنه لا يوجد نص في القرآن لاتباع ما سمي بـ«السُنَّة» وغيرها من الأقوال التي ألفها وابتدعها من يسمونهم بعلماء المسلمين أو الأئمة المهديين من أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم، بالرغم أن الله تعالى نبه الناس بأن يوم الحساب لا تنفع قرابة للرسول ولا شفاعة، تأكيدًا لقوله سبحانه: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)- الأحزاب: 40،
فلا يدعي أحد من خلقه في الحياة الدنيا مِيزة على غيره من الناس بقرابته للرسول صلى الله عليه وسلم، أو بأن لديه اتصال مباشر مع ملائكته وقدرة على الشفاعة، أو يتوسط لفلان أو غيره، فكلها أقوال وروايات نسبوها ظلمًا وبهتانًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وابتدعوها لتنافس القرآن الكريم، وتعزله عن الناس ليتم هجره واتباع كُتُب غيره، تأكيدًا لقوله سبحانه ينبؤنا منذ أربعة عشر قرنًا بأن المسلمين سيهجرون القرآن، وذلك ما حدث فعلًا:
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)- 30: الفرقان
فالرسول صلى الله عليه وسلم يشتكي قومَه لله بأنهم هجروا القرآن واتَّبعوا بِدعة الروايات التي أطلقوا عليها «أحاديث»، واللهُ يستنكر ذلك المسمى وينبِّه رسولَه بقوله بسؤال استنكاري: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)- الجاثية: 6.