«يوميات بين الروايات والآيات»…/ المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

أربعاء, 08/21/2024 - 19:47

صدر حديثًا عن مؤسسة رسالة السلام، كتاب «يوميات بين الروايات والآيات» الجزء الثاني، لمؤلفه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

في هذا الكتاب إطلالة في كبسولات حياتية يعيشها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، بيقظة ووعي يناقش واقعه، رافضًا وصايا التراث المريض على عقولنا وعلى ديننا وعلى كتابنا المفصل الذي يرفض الكهنوت، متضمنا كل ما يواجه الإنسان في حياته مصداقا لقوله جل وعلا: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل: 89)

القراءة بعقلية ناقدة

وقبل أن تترك نفسك نهبا لما قالوه لك، وما يرددونه آناء الليل وأطراف النهار، في المساجد والمدارس والمقارئ، اقرأ بعقلية ناقدة ما يرد إليك وتحقق بنفسك من تعارض روايات التراث التي شوهت رسالة الإسلام، وأضافت إلى التنزيل الحكيم كتبًأ قدسوها وقدموها على كتاب الله، النور الهادي، وأصبحت إرثًا ثقيلًا لا علاقة لها بما جاء به محمد كنبي خاتم ورسول مصطفى.

ووصولًا إلى رؤية متجددة تعتمد الأصل الوارد إلينا من رب السموات والأرض، مستبعدة كل ما صاغوه وقدسوه وقدموه على النص القرآني، ستجد نفسك في رحلة ممتعة ونابضة وناقضة لعصور من الكهنوت الذي جاء الإسلام ليحاربه، ويجعل علاقة المرء بربه دون وسيط يمنح نفسه قدسية ما أنزل الله بها من سلطان.

«يوميات بين الروايات والآيات» قراءة مغايرة لما فرض علينا سجنًا من ماضي سحيق لا علاقة له برسالة الإسلام الخالصة.

وسنعرض المقالات التي وردت في الكتاب تباعًا، ونبدأ بهذا المقال:

حقيقة الإسلام في القرآن والسنة الحقيقية

مما لا شك فيه أننا اليوم أحوج ما نكون إلى معرفة حقيقة الإسلام.. فليس هو ركعات أو شعارات أو صرخات.. إنما هو عمل الصالحات بكل ما تعنيه الكلمة وكما بينه كتاب الله في آياته البينات حيث يقول سبحانه: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (فصلت: 33)

حقيقة الإسلام كما جاءت في الخطاب الإلهي

وقال سبحانه أيضًا: «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» (الكهف: 110)

ثم يقول سبحانه: «لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ» (البقرة: 177)

ويقول سبحانه: «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (القصص: 77)

ويقول سبحانه: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)» (سورة المؤمنون)

ويقول سبحانه: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (آل عمران: 134)

شروط صياغة شخصية المسلم

تلك الآيات تحدد بعض شروط المسلم إضافة إلى الأخلاقيات التي جعلها الله سيرة لرسوله في تعامله مع الناس وسنته الحقيقية لصياغة شخصية المسلم وسلوكه كما يلي.

إذا تخلى المسلم عن القواعد التي وضعها الله للناس فقد نقص إسلامه وضعف إيمانه ولا تنخدعوا بكلام الروايات المغرضة؛ سيكون حساب الناس يوم القيامة وسيسأل الإنسان حينئذ هل اتبع قرآنه؟ عندها لن يفيده شفيع ولا أمه ولا أبوه ولا إخوانه.

والسلام على من اتبع هدى الله واتبع كتابه وقرآنه.

السنة النبوية الحقيقية

مرة أخرى السنة النبوية ليست أقوال المفترين على الرسول من روايات فالسنة الحقيقية سيرة الرسول عليه السلام الذي أمرنا الله أن نتبعها في قوله سبحانه «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (آل عمران: 31)

وتعني هذه الآية أن يرشد الناس أن أخلاقياته التي نصت عليها الآيات البينات، ولذا جعل الله رسوله قدوة للمسلمين ليتبعوا سيرته بما جعله الله في سلوكياته وأخلاقه عندما يصفه سبحانه: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم : 4) وقوله: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» (الأنبياء: 107)

شخصية الرسول

فمن يا ترى أودع في شخصية الرسول تربية سامية وأخلاقًا نبيلة؟ أليس الله سبحانه؟ ليكون مؤهلًا لحمل رسالة الله للناس ويكون قدوة لهم في تصرفاته وتعامله مع الأقرباء والغرباء.

والله يأمرنا بأن نتأسى بالرسول حينما يقول:

«لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (الأحزاب: 21)

الأسوة عمل وسلوك

فالأسوة قدوة والقدوة عمل وسلوك وليست أقوالًا. دعوته الرحمة فهو يرحم الصغير والكبير والمحتاج والفقير بالعمل وليس بالقول، وأمره بالعدل فهو مع الحق أينما يكون دون تفرقة لجنس أو لون أو دين أومذهب.

وينشر السلام بتصرفاته وحلمه وعفوه والصبر على الأذى، كل تلك الأمور أفعال وليست أقوالًا وكلها متفقة مع الآيات ومرجعيات القرآن وآدابه.

إذًا هي تلك سنته وخاصة بعدما تلا على الناس في حجة الوداع: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» (المائدة: 3)

ذلك إعلان من الرسول بانتهاء الرسالة التي أنزلها الله عليه في القرآن المبين، وليس بعد ذلك قول يضاف على قول الله وكلماته.

جفت الاقلام وطويت الصحف وكذب المفترون على الله ورسوله وحسابهم يوم الحساب؛ يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.

والسلام..