صدرت عن مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير، طبعة جديدة من سلسلة «أقوال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»، إعداد المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، في تسعة أجزاء، يحمل كل جزء عنوان مختلف.
وبهذه المناسبة ننشر مقتطفات من السلسلة القيمة التي تشتمل على خلاصة تجربة من القيادة العظيمة على مدى خمسة عقود، فهي مسيرة رجل تاريخي يحتذى به، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
الإسلام والتقدم والإنسان والشباب والمرأة
(إننا في كلّ خطواتنا لن نحيد عن تراثنا الإسلامي ولن تغرينا الحضارة عن التمسّك بقيمنا وأخلاقنا السمحة ولن تبعدنا عن جذور الأرض التي نشأنا فيها ومنها).
زايد بن سلطان آل نهيان
الإسلام والتقدّم الحضاريّ
تحت عنوان الإسلام والتقدم الحضاري في الجزء الرابع من سلسلة «أقوال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»:
إن كتاب الله هو قاعدة كافة العلوم كما أنه منبع الأخلاق ومنار الفضيلة.
إن الدين الاسلامي، دين حضاري أكرم الأنسان، وقدّره حقّ قدره، ونظم حياة المجتمع السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
الدين الإسلامي لا يتنافي أصلا مع الحضارة والتقدم لأنه دين حضارة وعلم ونهضة، بل ان تعاليمه هي قمة الحضارة والعلوم.
وديننا ليس دين فئة أو جماعة خاصة .. بل إنه دين للبشرية كلها. ورسالة (محمد صلى الله عليه وسلم) رسالة للعالم أجمع .. وقد أرسله الله سبحانه هداية للناس أجمعين.
ومن هذا المنطلق فإن انطلاقتنا البناءة، وتقدمنا الحضاري قائمان على أساس من الدين والخلق وتكوين الشخصية الإسلامية الأصيلة في جوهرها.
وإننا في كل خطواتنا لن نحيد عن تراثنا الأسلامي، ولن تغرينا مظاهر الحضارة عن التمسك بقيمنا وأخلاقنا السمحة، ولن تبعدنا عن جذور الأرض التي نشأنا فيها ومنها.
وفي كل انطلاقاتنا وتقدمنا نعتمد على الدين والعلم.
إن المباديء الإسلامية تطالب بالعمران والتقدم والعلم والازدهار ورفع مستوى معيشة المجتمع، وتحث على تحقيقها.
ونحن في دولتنا ملتزمون بمباديء ديننا الإسلامي الحنيف، ولا نحيد عنها قيد أنملة ولا نتخلى عن تراثنا، وعاداتنا وتقاليدنا.
وهكذا فنحن نأخذ من الحضارة الغربية ما هو خير لأمتنا، وننبذ ما هو شر لها .. فديننا الإسلامي ينهانا عن كل ما يتنافى مع ديننا وتقاليدنا.
ولا يجب أن يتصور إنسان على وجه الأرض أن الإسلام يتنافى مع متطلبات التنمية والنهضة إذ إنَّ قيم ديننا الحنيف تحث على المتعة الحلال والتقدم والكرامة، وهو يدعو إلى تسخير كل الطاقات، من أجل خدمة أمة الإسلام، ورفع مستوى معيشتها فنحن هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة كرَّسنا كلَّ شيء وكلَّ ثرواتنا في سبيل رفع مستوى المعيشة لأمتنا وتقدمها، وازدهارها ولو كنا شعرنا في لحظة بأن ذلك الشيء يتعارض مع ديننا الحنيف، لما أقدمنا عليه، ولكننا على العكس من ذلك نعرف أن قيمنا الإسلامية تحثنا على أن نعمل كل ما في وسعنا من أجل تقدم مجتمعنا وأمتنا.
لقد حدث تقدم كبير خلال السنوات القليلة الماضية شملت جوانب متعددة.
وكان هناك خوف من أن يؤدي هذا التقدم إلى تغيير تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا.
ولكن هذا لم يحدث لأن هذا التراث وهذه العادات، وهذه التقاليد مرتبطة بديننا الإسلامي الحنيف.
إن السرعة من طبيعة العصر، فقد أصبح الإتصال الآن بين العالم ميسوراً وسريعاً للغاية خاصة بعد التقدم المذهل في المواصلات.
وكان لا بد من أن نواكب هذا التطور لأننا لسنا بمعزل عن العالم. لقد أصبحت السرعة مفروضة على الإنسان.
ولا أتصور هناك الآن مخاوف، بالنسبة لبلدنا من هذا التقدم السريع، ما دمنا نحقق العدالة في كل مكان من دولة الإمارات العربية المتحدة.
أما سرعة التقدم فهي مطلوبة وضرورية حتى نلحق بما فاتنا.
من قال (يقول زايد مستنكراً) إن الدين يقف أحيانا عقبة في طريق التقدم؟.
إن الدين الاسلامي الحنيف يدعو إلى التقدم .. ويحث عليه، إن الدين الاسلامي ينادي بالعدالة والعدالة هي أساس كل تقدم.
كما أن الله يأمرنا في كتابه العزيز بالعمل .. والعمل هو طريق التقدم.
إننا شعب يؤمن بالله .. ويؤمن بدينه الحنيف، إن التقدم الاقتصادي لن يحمل الناس في بلادنا على وضع الدين في الخلفيات.
لا تعارض بين الدين الإسلامي والتقدم ، إن الدين يدعو إلى التقدم .. ونحن نحافظ على ديننا ونتمسك به.
التقدم يغيِّر أشياء كثيرة : –
– يغيِّر المستوى الاقتصادي.
– يغيِّر حركة البناء إلى أفضل.
التقدم يعني بناء المدارس والمستشفيات والمشروعات الزراعية والصناعية.
– يغيِّر أوضاع الأفراد إلى مستوى لائق.
لكن هناك أشياء أساسية لا يغيّرها هذا التقدم مثل هذه الأشياء، الدين والتقاليد والأخلاق.. هذه لا يمكن أن تتغيّر.
إن جوهر الإنسان لا يتغيّر .. إن الحياة مستمرة وتتطلب دائماً الشجاعة والقوة، والمدنية لم تغيِّر من شجاعة البدو وقوتهم.