
سؤال يبحث عن الحقيقة يطاردني في كل لحظة من حياتي، ويعصف بكل مشاعري، وكأن العقل يخاطبني وهو نفسه يبحث باستغراب عن إجابة صادقة تزيح كل ما تراكم على العقل من ركام الأقوال والروايات والتحريف والتشويه لسمعة رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين، التي استطاعت أن تكتم الحق وتُغيِّب الحقيقة، ليتوه الناس في الظلمات ويخسرون خارطة الطريق المستقيم الذي احتوته الآيات القرآنية من مشروع إلهي ينظم حياة الناس في الدنيا ليحقق لهم السعادة في الحياة ويجزيهم في الآخرة جنّات النعيم.
ثم تظل التساؤلات تبحث عن محمد؛ فمن هو محمد عليه السلام الذي اختاره الله للناس ليحمل رسالة رب العالمين لهم، والتي يبيّن لهم بها خارطة طريق حياتهم ليحصنهم من ارتكاب المعاصي والذنوب، وتحريم الظلم بشتى أنواعه، وتحريم اغتصاب الممتلكات واستباحة حقوق الناس دون خشية من الله، وتحديًا لشرعة الله التي تمنح الإنسان حرية التعبير وحرية الاختيار في ما يرتضيه من دين يؤمن به، وتظل تلك العلاقة علاقة فردية بين الله والإنسان، ولا تخضع فروض العبادات للقوانين المدنية والفتاوى الدينية التي يقصر فهمها وإدراكها عن حكمة الله سبحانه فيما يحقق للإنسان في الحياة الدنيا من حياة طيبة.
كما كان يحمل الرسول لكم الرحمة ويدعوكم للتعاون والمحبة والتسامح، ويحذّركم من ظلم أنفسكم، ويهديكم صراطًا مستقيمًا لا تضلون معه طريق الحق، ويحميكم من طريق الباطل. كان محمد عليه السلام يحزن كثيرًا على قومه حين لا يتبعون رسالته، وهو حريص عليهم كما وصفه الله سبحانه بقوله:
﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾
التوبة: 128
وكان الله يسمع ويرى مشاعره الصادقة على أتباعه، ويعيش لحظات الحزن عليهم إذا خالفوا طريق الحق الذي يحقق لهم الحياة السعيدة في الدنيا. وقد خاطبه الله سبحانه يخفف عنه حزنه على قومه بقوله:
﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾
فاطر: 8
هكذا كان رسول الله عليه السلام حريصًا على المؤمنين، رحيمًا بهم ورءوفًا. فهل جزاء هذا الرسول العظيم أن يشوّه الناس صورته ويسيئوا لسمعته، ليظل اسمه الشريف تلوكه الألسن بالتمجيد تارة وبالإساءة تارة أخرى، ويتقولوا عليه أقوالًا كاذبة ومزوّرة، يزوّرون عليه أقوالًا عن دين الإسلام الذي كلفه سبحانه بإبلاغ رسالته للناس، ليبيّن لهم طريق الخير والصلاح والسعادة، ويدلّهم على طريق الاستقرار والأمن والسلام ليعيش كل الناس حياة طيبة في الدنيا؟
ماذا يريد الناس من محمد عليه السلام بعدما سلم الناس الأمانة في كتاب مبين لم يُفرّط الله فيه سبحانه من شيء إلا وذكره في القرآن الكريم، ولم يترك كبيرةً أو صغيرةً إلا أحصاها؟ ماذا كان خطاب التكليف الإلهي للرسول الذي ضمّنت آياته القرآنية مشروع المعرفة الكلية والشاملة للإنسان ليوظّفها في حياته ومنفعته بكل تفصيلاتها لتعينه على مسيرته الدنيوية، فاختزل الله سبحانه فيه كل العلوم التي تساعد الإنسان على تحقيق مسيرة التطور العلمي والحضاري والارتقاء بمستوى معيشة الإنسانية لمنفعة الإنسان وصلاحه؟
فلم يترك الله الإنسان يعيش في الدنيا عالمًا مجهولًا، بل احتوت آياته كل العلوم من الأفلاك والشمس والقمر والنجوم، حتى وضّح سبحانه للناس كيفية خلق الإنسان، كما قال سبحانه:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴾
فاطر 5–8 (حسب ترقيمك)
وقوله سبحانه:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾
المؤمنون: 12–14
وهكذا تتجلّى حكمة الله سبحانه، يعلّم الإنسان من بداية خلقه إلى يوم بعثه يوم تُقدَّم كلُّ نفسٍ ما كسبت، ويَحكم الله عليهم؛ فمن عمل صالحًا فلنفسه، ومن أساء فعليها.
أيها الناس، ماذا تريدون من محمد عليه السلام الذي ظلمتموه وتقولتم عليه، واتهمتموه بعلم الغيب؟ الله يردّ عليكم بما أمر رسوله بتكذيبكم بما زورتم عليه من الأقوال المحرَّفة، حيث بلّغكم الرسول أمر ربه ليفضحكم وتستعدّون ليوم الحساب، فقال الرسول:
﴿ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾
الأعراف: 188
تلك شهادة الله لرسوله بأنه لا يعلم الغيب، ولا يستطيع أن ينفع نفسه، فكيف يذهب ملايين الناس إلى قبره في المدينة المنورة يدعونه ليغفر لهم عن ذنوبهم وارتكابهم المعاصي؟ والله يدافع عن رسوله من تهمة الوساطة بين الله وبين الناس، ليساعدهم بأن يطلب من الله لهم العفو والمغفرة والرحمة والتوبة.
ماذا يريد الناس من محمد عليه السلام بعد أن بيّن لهم كل ما يريدون معرفته في الآيات القرآنية عن الحياة الدنيا ويوم الحساب في الآخرة، وما بينهما من امتحان عن مدى تمسّك الإنسان بكتاب الله وآياته التي تهديهم إلى طريق الخير والصلاح والأمان والسلام ليحيوا حياة طيبة؟
ماذا يريد الناس من محمد عليه السلام الذي يدعوهم للتسابق في الخيرات، والذي وصفه الله سبحانه للناس بأنه حريص عليهم ورؤوف بهم؟ هل يستحق ذلك الرسول العظيم كلَّ الإساءة وتشويه السُمعة لأهله وأقربائه؟ والله وضع للناس قاعدة بقوله سبحانه:
﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾
الرحمن: 60
هل كان جزاء من كلفه الله للناس ليهديهم ويشرح صدورهم ويجعلهم من عباده الصالحين الذين وصفهم الله بقوله:
﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾
الزخرف: 68–69
ذلك ما وعد الله عباده الطائعين؛ لن يكون عندهم خوف من أي شيء، ولا هم يحزنون، فجعلهم الله بإيمانهم نفوسًا مطمئنة راضية.
يا أيها الناس، ماذا تريدون من محمد عليه السلام؟ أم يكفيكم تشويه سمعته والتقول عليه زورًا واتهامه بعلم الغيب وقدرته على الوساطة للناس عند ربه ليستجيب لهم ويغفر للظالمين والمجرمين؟
يا أيها الناس، ألم يُبلّغكم ربكم في الآيات القرآنية بأن الرسول محمد قد أدّى الأمانة وأكمل مهمته، وترك لكم كتاب الله وكلماته تدعوكم للحق والرحمة والعدل والسلام، والتعامل بالحسنى، ويكفيكم أن الله يهديكم بكتابه المبين، وأن يجعلكم من عباده الصالحين ويرضى عنكم في الحياة الدنيا، وفي الآخرة يجزيكم الأجر العظيم؟
ألم تقرؤوا في القرآن أن التكليف الإلهي للرسول هي مهمته الوحيدة: ينقل لكم رسالة الله في كتابه العزيز دون أن يضيف فيه شيئًا أو ينقص منه، وهو عليه السلام ليس مسموحًا له أن يؤلّف أحاديث بما تسمى زورًا وبهتانًا بالأحاديث النبوية، لأنها تتعارض مع مهمته الرسولية الإلهية؟ حيث خاطبه الله تأكيدًا لحمل أمانة الرسالة الإلهية فقال:
﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
المائدة: 67
كما أن الله سبحانه حسم بحكمه بإسقاط كافة الروايات التي أسماها المجرمون "أحاديث"، فيسقط الله حجتهم وتزويرهم في خطاب الله له بصيغة استنكارية بقوله سبحانه:
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
الجاثية: 6
هل بلغ غياب العقل عند الناس بحيث لا يجرؤ أن يتدبر الآيات القرآنية ليفهم رسالة الله المكلف بها رسول الله محمد عليه السلام؟ كيف عميت الأبصار عن بلاغ الناس في القرآن بانتهاء مهمة الرسول عليه السلام، في قوله سبحانه الذي بلّغه الرسول بأمر الله للناس:
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾
المائدة: 3
وأكدت الآية التالية الأمر الإلهي بقوله سبحانه:
﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾
الأنعام: 115
فهل بعد ذلك وحي آخر سوف ينزل بعد وفاة الرسول بكتاب الله وسُنّة جديدة تعلم الناس دينًا آخر غير الإسلام؟ ما هذا الهراء والتخبط وقد فقدوا البصر والبصيرة؟ وما تلك الروايات إلا محاولة خاسرة ليحجب المجرمون النور الإلهي الذي يرسم للناس خارطة السعادة والرحمة والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، وحمايته من الضنك والشقاء والعدوان ليعيش حياة سعيدة.
فهل من المنطق أن يُعاقب رسول الله ظلمًا وافتراءً وبهتانًا، وهو يضحي عليه السلام براحة نفسه وصحته وجهاده في الدفاع عن رسالة السلام التي حمله إياها رب العالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور؟
يا أيها الناس، لقد بلغ الرسول الأمانة وكافح في سبيل إيصال رسالة الله للناس. فبدلًا من التبجيل والتقدير والاحترام والتعظيم للرسول العظيم وما قدمه للإنسانية من قيم وأخلاق وتربية ترتقي بالإنسان إلى مصاف الأنبياء، لو اتبع الناس أمر الله سبحانه الذي بلّغه الرسول عليه السلام بكل الأمانة والإخلاص.
فليعلم الجميع أن محمدًا عليه السلام ارتقى إلى ربه معززًا مكرمًا، فاجعلوه نموذجًا يعيش فيكم بإيمانه ومعاملاته وعلاقاته وطاعته، وبدعائه بما أمره الله سبحانه، يدلكم على محبة الله ويهديكم إلى طاعته ويجزيكم أجرًا عظيمًا. فقال سبحانه موجهًا رسوله ليخاطبكم:
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
آل عمران: 31
فالسلام عليك يا رسول الله، ويا من أحبك الله وكرمك بحمل رسالته للناس، تضيء لهم الحياة الدنيا وتخرجهم من الظلمات إلى النور، فلم يقدّرك الناس بما حملت لهم من رسالة الله، وحزنت لتفَرّقهم، ولم يطيعوك فيما بلّغتهم من كلام رب العالمين فيما اختاره الله لهم من السعادة والتكريم.
وما فضّلهم الله على كثير ممن خلق تفضيلًا، ورزقهم من النعم والطيبات، وفتح لهم أبواب الجنّات، ولكن الغالبية العظمى منهم اختاروا طريق الشيطان الذي استدرجهم إلى نار الجحيم، وكفروا بآيات الله ورسالته، فتفرّقوا شيعًا وأحزابًا كما خاطبك الله بقوله:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾
الأنعام: 159
فأصبح بينكم وبين الرسول بعد المشرقين، وكان ذلك قراركم: اتبعتم الشيطان فأضلكم عن طريق الحق، وكان جزاؤكم جهنم وبئس المصير.
وهكذا يبقى القرآن وحده هو الميزان الحق، والقول الفصل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي جعله الله شاهدًا على صدق رسالة محمد عليه السلام، وبراءته من كل ما نُسب إليه زورًا وبهتانًا. فالكتاب الذي أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، هو نفسه البرهان الساطع على أن الرسول ما كان إلا مبلِّغًا أمينًا لا يزيد على ما أوحى الله إليه ولا ينقص، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا يدّعي علم الغيب، كما قال ربه جلّ شأنه:
﴿ قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي ﴾
﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ﴾
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
وبذلك يتبيّن أن كل من حرّف، وزاد، وافترى، وادّعى على رسول الله ما لم يقله، إنما خالف أمر الله الذي قال:
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
وأن كل من طلب الهداية في غير كتاب الله، أو نسب للرسول ما لم يُنزله الله، فقد أعرض عن النور الإلهي الذي أراد الله به إنقاذ البشرية من التيه والظلمات:
﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾
فالقرآن شاهدٌ على صدق النبي، وشاهدٌ على اكتمال رسالته، وشاهدٌ على أن الله قد عصمه من الناس، وحفظ وحيه من التحريف، وتمّت كلماته صدقًا وعدلًا.
وليس بعد كلام الله حجة، ولا بعد كتابه نور، ولا بعد آياته سبيلٌ إلى الحق إلا باتباعها. فمن أراد معرفة محمد عليه السلام فليقرأ القرآن؛ ففيه وصفه، وفيه رسالته، وفيه شهادته التي شهد الله بها له:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
ومن أراد النجاة فليلزم كتاب الله الذي جعله هدى ورحمة وشفاءً للناس:
﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾
فما بقي للناس بعد ذلك عذر، وما بقي لهم حجة، وما بقي لهم إلا أن يعودوا إلى القرآن؛ المصدر الخالص الذي لا يتبدل، والصراط الذي لا يضل سالكه، والحبل المتين الذي أمر الله بالاعتصام به وحده.
﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾
هنا فقط… يتجلّى الحق، ويُعرف الرسول كما أراده الله، ويعود الناس إلى صراط مستقيم لا اعوجاج فيه، وإلى نور لا ينطفئ، وإلى دين قد أتمّه الله وكفَل حفظه إلى يوم الدين.





