نص خطاب ئيس الجمهورية في اختتام المؤتمر الوطني لتمكين الشباب

أحد, 11/23/2025 - 13:04

“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على تبينا الكريم،

معالي الوزير الأول،

السادة رؤساء الهيئات الدستورية،

السادة والسيدات الوزراء،

أصحاب السعادة السفراء وممثلو الهيئات الدبلوماسية،

السادة القادة العسكريون والأمنيون،

السيد الوالي،

السيدة رئيسة جهة انواكشوط،

أبنائي وبناتي شباب هذا الوطن العظيم،

أيها الحضور الكريم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يسعدني أن أشارككم اليوم هذه اللحظة المحورية في المسار الوطني لتمكين الشباب مجددا رهاننا عليكم ومؤكدا قناعتنا بأن مستقبل البلد لا يبنى إلا بقوة إرادتكم وعمق وعيكم وحماستكم واضطلاعكم بدوركم كاملا.
ويجسد قناعتي هذه ما أكدت عليه مرارا من كون هذه المأمورية مأموريتكم، فهي من أجلكم وبكم تبنى، ولذا وجهنا منذ الوهلة الأولى بوضع الشباب في قلب السياسات التنموية والاجتماعية، وباعتماد مقاربة وطنية شاملة تحوله من متلق للفرص إلى صانعها.
وفي هذا الإطار، عملنا على تنفيذ إصلاحات جوهرية في التعليم الذي هو أساس النهضة، عملنا ذلك لنضمن فيه الجودة والانصاف، وضاعفنا الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي، وأعدنا الاعتبار للبحث العلمي، ودعمنا التكوين المهني، ليكون كل شاب قادر على دخول سوق العمل بثقة وكفاءة.
كما بذلنا جهودا كبيرة في سبيل أن تتحسن من حيث الجودة والشمول مختلف الخدمات العمومية، وعلى رأسها الخدمة الصحية. كما أطلقنا أكبر برنامج تشييد وتأهيل للبنى التحتية الشبابية، شمل الملاعب والقاعات الحديثة متعددة الرياضات، كما قمنا بإصلاح مؤسسي جعل من الاتحادات الرياضية والجمعيات الشبابية شريكا أساسيا في سياسات تمكين الشباب.

وقمنا في مجال التشغيل بتأهيل ودعم عشرات الشباب للولوج إلى سوق العمل من خلال تمويل المشاريع وفتح الباب أمام الريادة الشبابية للأعمال، وأطلقنا خدمات خاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
ونحن نرى كل هذه الجهود استثمارا فيكم، أنتم يا شباب، استثمارا في مستقبلكم، في طموحاتكم، وفي قدرتكم على القيادة والإبداع.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أجدد الدعوة إلى الاقبال على التعليم والتكوين والعمل لنستفيد من آلاف فرص العمل التي تتيحها البرامج والمشاريع التنموية التي هي قيد التنفيذ.
يجب عليكم يا شباب أن تتحرروا كليا من المفاهيم الخاطئة بخصوص قيمة العمل وألا تضيّعوا أي فرصة عمل.

إن الفرص التي تخلقها حركية اقتصادنا في مختلف القطاعات تفتح فضاء واسعا للإنتاج والابتكار وتطوير الأعمال لكنها لا تنتظر أحدا، فاستعدوا وغيروا المفاهيم وكونوا على قدر التحدي وفي كافة المجالات. فنحن لسنا حريصين فقط على ادماجكم في الحياة المهنية بل كذلك في ترقية مشاركتكم السياسية وتعزيز حضوركم في مختلف دوائر تدبير الشأن العام.
وفي هذا الإطار يندرج ما اعتمد في سنة 2023 بشأن اللائحة الشبابية في البرلمان، حرصا على أن يكون صوتكم ممثلا ورؤيتكم حاضرة في البرلمان، الهيئة التشريعية الوطنية.
وإدراكا منا لأهمية الخدمة المدنية أنشأنا إطارا تنظيميا يمكن آلاف الشباب من الانخراط في نشاطات متنوعة تخدم وطنهم وتكسبهم خبرات حقيقية تعزز اعتمادهم على أنفسهم وتفتح لهم آفاق المستقبل، وقد خصصنا في هذا السياق جائزة رئاسية لأفضل مبادرات تطوعية تلبية لطلب متكرر من شبابنا.
كما عملنا على تقليص الفوارق، وتنويع آليات الدعم لصالح الشباب الأكثر هشاشة، تعزيزا لصمود ولفرص مشاركتهم في بناء البلد، فتكافؤ الفرص بالنسبة لنا ليس مجرد شعار، بل هو التزام نعمل على تجسيده يوما بعد يوم كما هو واضح في قرارنا بتخصيص مقاعد في مدارس الامتياز لصالح أبناء الأسر الأكثر هشاشة، مع التكفل بمنحهم من الإسناد التربوي ما يمكنهم من التفوق في هذه المدارس.

أيها الشباب،
لقد تابعت باهتمام ما تخلل جلساتكم من نقاشات، وما استعرضتم من تحديات، وما عبرتم عنه من أمل وطموحات، وقد قرأت علينا منذ قليل ابنتنا أم اهلي بنت محمد سيدي ما تمخض عن هذه الجلسات من توصيات.
ويسرني أن أعلن اليوم جملة من القرارات تستجيب لمطالبكم وتطلعاتكم.

أولا: إنشاء جهاز مؤسسي للتشاور الشبابي على المستوى المحلي.
سيتم – بحول الله – وقريبا وضع إطار تشاوري دائم يمكنكم من المشاركة الفعلية في تطوير ولاياتكم ومقاطعاتكم، وسيضمن هذا الإطار التشاوري أن تكون ولاياتكم في صدارة المشاريع والبرامج التنموية. وستتضمن هذه الآلية كذلك، بفعل ما يصدر عنها من مقترحات، حضور البعد الشبابي في التنمية المحلية وتعزيز استفادة الشباب من حيث فرص العمل والدمج المهني في مقدرات مناطقهم ومن البرامج المختلفة المنفذة بها.
وقد تقرر في هذا السياق إنشاء هيئة فنية تنتقل إليها صلاحيات المجلس الأعلى للشباب، وتتولى مسؤولية التنسيق الوطني لأعمال آليات الإطار التشاوري.

ثانيا: بخصوص تعزيز أثر برامج التشغيل، سيتم تعزيز هذه البرامج وذلك برفع ميزانية صندوق التشغيل لدعم أكبر عدد من المشاريع الشبابية، ومن أجل تكثيف وتعزيز التكامل بين القطاعات الحكومية فيما بينها ومع القطاع الخاص حتى لا تضيع أية فرصة عمل.
وقد تقرر في هذا الإطار اكتتاب 3000 موظف بهدف توفير فرص عمل فورية للشباب المؤهلين وتعزيز القدرات البشرية للإدارات المركزية والمحلية. وسيتم كذلك العمل على رفع كفاءة ونجاعة آليات التنسيق على المستويين المركزي والجهوي بين قطاع التشغيل والقطاعات ذات الامكانية التشغيلية العالية، كالزراعة والصيد والتنمية الحيوانية والتعدين والطاقة، لتوفير 30 ألف فرصة عمل خلال السنتين المقبلتين.
ينضاف إلى ذلك ما سيتم من تعزيز التنسيق العملي بين برامج التكوين الفني والمهني من جهة، وآليات التمويل التي توفرها “تآزر” من جهة أخرى، لزيادة فرص العمل الذاتي للشباب في المناطق الهشة.

ثالثا: سيتم كذلك توسيع الخدمة المدنية بفتح 7000 فرصة تطوع جديدة، ومن خلال فرص العمل التطوعي، بطبيعة الحال، ستزداد الجودة والإحساس بخدمة الوطن، وستخول شبابنا اكتساب الخبرات وإثراء السير المهنية.

رابعا: سيتم كذلك إطلاق مشاريع رياضية كبرى، من أبرزها إنشاء 100 ملعب صغير تقريبا للبنية التحتية الرياضية إلى الشباب في الأحياء والبلديات، وإعداد دراسة لمجمع رياضي به ملعب كبير بمواصفات دولية يتسع ل25 ألف متفرج، وسيتم، إن شاء الله، الشروع في تعبئة الموارد الضرورية لتشييد هذه البنية التحتية الكبيرة.

أيها الشباب،
أجدد لكم العهد الذي قطعته منذ البداية، ذلك العهد هو كوني لن أدخر جهدا في سبيل تمكينكم.
والتمكين، أيها الشباب، وأنتم تعرفون ذلك وتعلمونه، لا يمنح، إنما يصنع بالإرادة، ويصنع بالعمل، ويصنع بعدم ترك فرص العمل تضيع.
إذن، هذا التمكين ينبغي من خلاله أن يعتني كل واحد منكم بشأن وطنه بالطريقة وبالمستوى الذي يعتني به بشأنه الشخصي وبطموحاته.
إذن – أيها الشباب – الوطن أولا قبل كل شيء، قبل أي إنتماء، قبل أي هم شخصي، ولكنه – كما أقول دائما – يسعنا جميعا، ويسع شبابنا ولنجعله فوقنا جميعا.
أيها الشباب،

إنكم أمل هذا البلد، أمل موريتانيا، أنتم صانعو مستقبل هذا البلد، وعليكم نعول في جعله نموذجا في التنمية، ونموذجا في الأمن، ونموذجا في الازدهار.

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله”.