«الكمنجاتي» مشروع لتعليم الموسيقى

سبت, 06/10/2017 - 15:51
«الكمنجاتي» مشروع لتعليم الموسيقى

أسس مشروع «الكمنجاتي» رمزي أبو رضوان (38 عاما) الذي بات مشهورا منذ كان طفلا عندما انتشرت صورته وهو يحمل حجرا ليرشق به الجيش الإسرائيلي في مخيم الأمعري في الضفة الغربية المحتلة.

ويدخل أكثر من عشرين فتى وفتاة يحملون على ظهورهم آلاتهم الموسيقية إلى معهد لتعليم الموسيقى في مخيم قلنديا قرب رام الله، أحد مراكز مشروع «الكمنجاتي» الذي أخذ على عاتقه منذ سنوات إدخال الموسيقى إلى مخيمات اللاجئين في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي لبنان.

لكن مع الوقت، أدرك أن «عمله بالثقافة هو أيضا نوع من أنواع مقاومة الاحتلال»، كما يقول.

كان تعلُّم الموسيقى حلما لديه. ثم أراد نقل هذا الحلم وإعطاء فرصة لكل الأطفال ذوي المواهب الموسيقية.

تحقق حلمه بأن يصبح موسيقيا بالصدفة. ويقول «كنت أبيع الصحف وأنظف حدائق.. وفي إحدى المرات كنت أنظف حديقة إحدى سيدات رام الله، التي سمعت عن بعثات موسيقية إلى فرنسا فاقترحت اسمي، ذهبت إلى فرنسا وتعلمت الموسيقى».

وأسس رمزي أبو رضوان جمعية «الكمنجاتي» سنة 2002 في مدينة أنجيه الفرنسية التي درس فيها الموسيقى قبل عودته إلى رام الله.

في 2008، بعد عودته إلى رام الله، وسع مشروعه من مخيمات الضفة الغربية المحتلة إلى مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة في لبنان حيث يعيش اللاجئون في ظروف مزرية. وباتت جمعية «الكمنجاتي» تعد ثمانية معاهد موسيقية وألفي تلميذ تراوح أعمارهم بين 5 و18 عاما. كما ساهم في إدراج تعلم الموسيقى ضمن مناهج التعليم في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا).

يقول رمزي أبو رضوان، الذي اختارته وزارة الثقافة الفلسطينية شخصية العام الثقافية في آذار/مارس «الوضع الطبيعي أن يكبر الطفل بشكل صحي. ولد الطفل كي يعيش وليس كي يموت»، مضيفا «تساهم الفنون بأن يكون لدينا جيل جديد قوي يعرف كيف يعبر عن نفسه».

في مخيم قلنديا، تصدح أصوات الآلات المختلفة من تشيللو وكمان، وتطغى على ضجيج المخيم.

يبدأ الفتى الطيب الحموز (16 عاما) العزف على آلة الكمان مقطوعة الربيع من كونشيرتو الفصول الأربعة للموسيقار الإيطالي فيفاليدي. ثم يقول «بدأت أتعلّم الموسيقى في مخيم قلنديا مع جمعية الكمنجاتي وكان عمري سبع سنوات، كانت البداية دروس تذوق موسيقى. ومنذ سبع سنوات تخصصت بالعزف على آلة الكمان. أعزف في اوركسترا الكمنجاتي وعزفت في أوركسترا لحن الحياة في رام الله وأوركسترا الشباب في ميونيخ».

ويقول الحموز، الذي تتحدر عائلته من قرية بيت جبريل المدمرة والمهجرة داخل إسرائيل، إنه يريد دراسة علم الفلك عند تخرجه من المدرسة ويهوى العزف على البيانو. ومن معزوفاته المفضلة الحركة الثانية من السمفونية السابعة لبيتهوفن.

تحصل جمعية «الكمنجاتي» على الآلات الموسيقية من تبرعات مؤسسات دولية وأفراد في أوروبا، تستخدمها لتدريس الموسيقى لأطفال المخيمات. وتتقاضى أسعارا رمزية.

ويقول المدرس وعازف الكلارينت منتصر جبرين (25 عاما) الذي تجمع حوله الفتيان والفتيات لتدريبهم في مخيم قلنديا، «بدأت أتعلم الموسيقى العام 2005 مع الكمنجاتي. ثم حصلت على منحة لمتابعة دراسة الموسيقى في جامعة أنجيه وتخرج قائد أوركسترا.

ويضيف الشاب الذي يقدم نفسه على أنه «لاجىء من يافا»، «عدت لأعلم آلة الكلارينيت والنظريات الموسيقية وموسيقى الحجرة في جمعية الكمنجاتي».

كذلك تعلمت ألاء شلالدة (19عاما) في مركز رام الله التحتا مدة تسع سنوات الموسيقى الغربية، وهي متطوعة اليوم لتعليم الكمان في المخيم وفي دير غسانة، بينما تتابع دروسها في اختصاص اللغة الإنكليزية في جامعة بيرزيت.

وتتحدث عن تجربتها الموسيقية بفرح «أنا عازفة في أوركسترا الكمنجاتي وإدوارد سعيد. وعزفت في أوركسترا ميونيخ للشباب وفي إيطاليا في سلسلة عروض لمدة 21 يوما».

يتعلم 65 طفلا وطفلة وفتى وفتاة في مخيم قلنديا العزف الموسيقي، منهم 25 باتوا عازفين، وغالبا ما تندلع مواجهات عند حاجز قلنديا العسكري الواقع بين القدس ورام الله، ويقتحم الجيش الإسرائيلي المخيم بشكل متكرر.

ولم تعد مهمة «الكمنجاتي» تقتصر على تعليم الموسيقى، بل أقامت مهرجانا موسيقيا ضخما تنقّل من شمال الضفة الغربية حتى جنوبها، وصولا إلى القرى المهمشة والتجمعات البدوية في الصحراء. وتم تقديم 180 عرضا محليا وعالميا خلال 18 يوما بين 5 و23 نيسان/ابريل. إذ دعي موسيقيون من العالم أجمع للمشاركة في المهرجان.

وأقيمت عروض «صعبة» في بعض المدن التي تتغلغل فيها جماعات متشددة دينيا، حسب أبو رضوان.

وخلال عرض إنشاد صوفي في المسجد الإبراهيمي، «أعاقنا الجيش الإسرائيلي ومنعنا من إدخال الدفوف والآلات الأخرى لبعض الوقت، ثم عاد وسمح لنا بإدخالها».

ويقول مؤسس الكمنجاتي «هويتنا وثقافتنا مهددة ويجب الحفاظ عليها»، وكان هذا «أحد أهداف المهرجان».

القسم: