وكالة أخبارالناس/ يقول الرئيس المؤسس المختار ولد داداه رحمه الله في مذكراته (ص 597) كان الهدف من إنشاء الشركة الوطنية للإيراد والتصدير (سونمكس) في ديسمبر 1965 هو فك العزلة عن مواطنينا في الداخل وتأمين تموينهم، وقد تعرضت هذه المؤسسة الناشئة في بداية أمرها لعداء معلن من بعض التجار، غير أن المكتب السياسي والحكومة فرضاها لما لها من دور أساس في عقلنة تنظيم تجارتنا الخارجية والحد من تبعيتنا للبلدان المجاورة (السنغال ومالي) وجعل مناطقوسط البلاد وشرقها أقل عرضة لعشوائية التموين خاصة أثناء موسم الأمطار.
وقد تحدثت أمام الجمعية الوطنية عن انشاء هذه الشركة واصفا إياها بأنها " شركة وطنية ذات اقتصاد مختلط تمتلك الدولة أغلب رأس مالها، وتتولى عملية استيراد المواد الأساسية التي يحتاجها السكان من سكر وشاي وأرز ومنتجات أخرى مثل الأقمشة الغينية (النيلة) وأقمشة البركال percale إلخ ... وستؤمن الشركة استيراد هذه السلع وبيعها بالجملة ونصف الجملة، مما يمكن التجار من الاستمرار في مزاولة البيع بالتقسيط.
وستوفر ما يحتاجه المستهلك الموريتاني من المواد الأساسية كمًّا وكيفاً عندما تتم عقلنة التموين. وستكون أولى نتائج هذه العقلنة وتبسيط الدورة التجارية هي تخفيض كلفة الحياة .
كما أن هذه الشركة ذات الاقتصاد المختلط ستسمح للمساهمين الموريتانيين باكتساب خبرة مثمرة في ميدان تسيير الأعمال الكبيرة، وبذلك تكون حملة على غلاء المعيشة من جهة، ومدرسة لرجل الاعمال الموريتاني من جهة أخرى".
وعلى العموم فقد أدت هذه الشركة بصفة مرضية المهمة التي أنشأت من أجلها إلى غاية 1978 .
وهكذا فإن البلاد عموما وولايات الوسط والشرق على وجه الخصوص لم تتعرض للنقص الحاد الموسمي في مجال التموين الذي كانت تعاني منه بصفة دورية. ورغم تباين حصيلة السنوات وما يطرح النقل من مشكلات، فقد تم تموين مختلف الولايات بصورة منتظمة بفضل الوكالات التي فتحتها الشركة في عاصمة كل ولاية .
أما بالنسبة للأسعار فكانت إلى حد كبير أقل ارتفاعا مما كانت عليه قبل ميلاد الشركة وإن لم تصل إلى الحد الذي تمنيناه.
وبما أن تلك الأسعار كانت أخفض كثيرا من نظيراتها في الدول المجاورة مثل السنغال ومالي، فقد تولد عن ذلك تهريب منظم إلى البلدان لم نستطع إطلاقا القضاء عليه نهائيا، إذ كانت مواد الشركة ومنتجاتها تصدر سريا الى تلك الأقطار مما نجم عنه خلل في تمويننا الخاص أحيانا.
وفي مجال التصدير حاولت الشركة أن تعيد تنظيم الدورة التجارية لصمغنا الذي ظل على مدى عقود خلت يصدر كما لو كان صمغا سنغاليا أو سودانيا (ماليا) من قبل شركة فرنسية مقيمة في هذين البلدين, وكانت أشجار الصمغ في موريتانيا تمتد على مساحات هامة من الولايات المحاذية لنهر السنغال وفي الأجزاء المتاخمة لجمهورية مالي من الولايات الشرقية.
وظلت شركة سونمكس تشتري الصمغ من المنتجين على مدى بضع سنوات وتصدره إنتاجا موريتانيا.
غير أن موجة الجفاف القاسية الطويلة التي عرفتها البلاد في نهاية الستينات وبداية السبعينات أدت مع الأسف إلى انقطاع تلك التجربة القصيرة. فقد قضى الجفاف على أغلب أشجار الصمغ وتراجع الإنتاج إلى أدنى مستوياته.
من صفحة الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله