يرى بعض المفكرين أن الصمت أشد خطرا من الخيانة والجبن والتواطؤ، لأن التقدم ليس ملحاحا بمرور الزمن إلا بفعل عامل آخر، أما النخب المستلبة فتعتقد أن كل ما هو لاحق لا يتطور باستمرار على ما سبقه ، وهذا التفريغ للمحتوى الابداعي والعجز فى موازنة الفكروالتنظيم ، هو الذي تسعىى إليه الفئة التي تنشر الآراء المغشوشة في كل سانحة كي تتخلص من خصومها الذين يمدون الجسور مع المحيط التاريخي والحضاري للأمة ، ويتمسكون بالثوابت ، ويساهمون في الإنتاج المادي والفكري ،ويدافعون عن المقدسات .
وبما أن الأمة الحية تكتب في كل منازلة تاريخ أبنائها وتعترف بجميلهم ،حقا مكتسبا ونكاية للعدو ، وتشجيعا لميزة الإيثار والتضحية ، فإن المواقف الثابتة المتعلقة بالدفاع عن القضايا الوطنية والعربية التي يتخذها المناضل الأصيل الخليل ولد الطيب تستوجب الإشادة والتنويه ، خصوصا أن موقفه المتميز اليوم في قضية القدس لا يتعلق بأية حال بانفعالات اللحظة ، فقبل هذا مزق النائب البرلماني عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وثيقة صادرة عن اللجنة الاقتصادية والمالية بالجمعية الوطنية، احتجاجاً على كتابتها باللغة الفرنسية،وبعد ذلك انسحب المناضل العروبي الخليل ولد الطيب من المنتدى الذي رفع فيه العلم الصهيوني .
غير أن بعض الأطراف التي تحتكرمنح شهادات النضال والوطنية والوقوف في وجه المستبدين ، لا يمكن أن تستصيغ ـ وفقا لوهم استقر في أدبياتها ـ أن من يقف في صف الموالاة يمكن أن يتصف بهذه الجرءة والدفاع عن القضايا العادلة ، كماجاء في خطاب النائب الخليل ولد الطيب في جلسة البرلمان العربي المنعقد في القاهرة حول الأقصى بتاريخ 11/12/2017 الذي ورد في بعض فقراته :
” نحن في البرلمان العربي نمثل ابناء امتنا العربية وموقفنا لكي يكون سليما لابد له ان يعكس مشاعر الشارع العربي من محيطه الي خليجه ويدعم ويتناغم مع الحراك الشعبي القائم حاليا فيما يتعلق بفلسطين والقدس والاقصي
لذلك فانني ادعو الي ان يتضمن بياننا دعوة صريحة للدول العربية التي تقيم علاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني الي قطع تلك العلاقات فورا والدعوة كذلك لتفعيل ثقافة المقاطعة للمنتجات الامريكية،
واعتبار الولايات المتحدة الامريكية بعد اقدامها علي هذا القرار العدو الاول للأمتين العربية والاسلامية ولكل القضايا العادلة ،استدعاء سفراءنا المعتمدين لدي الولايات المتحدة الامريكية ،وسحب الودائع العربية من البنوك الامريكية.
التاكيد مجددا علي ان فلسطين ستظل قضيتنا المركزية وانها البوصلة وان الدفاع عنها واجب العرب والمسلمين ،ان الدفاع عن القدس والاقصي يتطلب القوة وقوة العرب في وحدتهم ..”
وذا كان المناضل الخليل قد سطر هذه المواقف النبيلة فإن محمد يحظيه ولد ابريد اليل هوالآخركمفكراستراتيجي ومناضل عروبي عتيق ومساهم فاعل في صناعة الحدث قد وهب حياته دفاعا عن بلده وخدمة أمته ، حيث ورد في مقاله (القمة العربية بين قصف الغربيين وهرج العرب ):
” ان مطلبنا الرئيسي هو حقنا في تشكيل دولتنا القومية، التي بدونها لن تكون لنا كرامة. الدولة الوحدوية هي الإختيار الوحيد الذي من شأنه أن ينقذ العرب، هو المشروع الوحيد الذي سيغير مصير العرب تغييرا نوعيا.
الحياة في الإطار الضيق، إطار الدولة القطرية، زرع في نفوس الناس وساستنا عقدة الدونية وعادة الشعور والإحساس بالتبعية للغير إلى درجة أن تلك العادة أصبحت طبيعة .
المشروع الوحدوي سيصنع من العرب رجالا غير منقوصين وسيرفعهم من درجة المنبوذين والممثلين الصامتين في لعبة الأمم إلى شركاء محترمين، لأن الوحدة ثورة راديكالية “.
غير أن هذا كله يدفعني وبحكم صلتي القومية بالرجلين ،للمطالبة بتشكيل جبهة وطنية وقومية ، في هذا الظرف بالذات لكي تكون حصنا منيعا للبلاد ، وفضاء رحبا يتسع لجميع المكونات ، لأن المشتركات الكثيرة التي تربط العلاقات الحميمة بين مكونات شعبنا لايمكن تجاوزها ولا الاعراض عنها ، ومعلوم أن من أهم المشتركات الخالدة لهذه المكونات ، هي الدين الإسلامي الحنيف ، واللغة العربية ، والوحدة الوطنية .
بقلم/ / باباه ولد التراد