الحراطين عرب وزنوج (1 - 3 ) ـ مقال

جمعة, 02/16/2018 - 16:51
الحراطين عرب وزنوج (1 - 3 ) ـ مقال

عادت قضية هوية الحراطين من جديد إلى الساحة مع ما كتب عنها في فترات متفاوتة
 من تاريخ النضال المكسور منذ السبعينات القرن الفارط وقد سالت أقلام عديدة
 من هنا وهناك حول هوية الحراطين وعروبتهم أو نقيضها ليسجل التيار العربي الشرقي انتصارات على التيار الإفريقي الجنوبي ليس من قوة حجته وصدق برهانه الذي ينقصه الكثير من الأدلة لدعم موقفه وإنما وهن المنافس وتسييسه للقضية

عادت هذه المرة بطريقة مغايرة عن سابقاتها وما يميزها هذه المرة هو مشاركة الجميع وخاصة المهتمين بقضية الحراطين من حقوقيين ومناضلين وكتاب ومدونين وسياسيين محاولين حسم الموضوع بتقليب وجهة نظر على أخرى وانتماء على آخر وحصر القضية في تراشق ورفض ورفض مضاد والبحث عن مؤيدين لمسألة الانتماء ليغيب عن الجميع التأطير والموضوعية التي تحتم على الباحث في أي قضية ما إن يعود إلى المرجعيات
والمرتكزات المتفق عليها منذ أن جفت صحف ورفعت الأقلام عن بعض القضايا
كقضية الهوية وإدراك أن العالم لم يعد يعيش أيام التنظير ووجهات النظر في القضايا العلمية الخاضعة للجدول والمعادلة أحرى قضية من قضايا المعرفة والمقارنة والأيام التي نعيش قد اصطلح عليها بعهد المشاهدة لتطوي البشرية صفحات التنظير بل التطبيق إلى التمني والحصول

وسأتسمح الغارقين في الجدال البيزنطي الذي دار حول الشيطان وحجمه وكم من سنة يعيش؟, والعدو على تخوم المدينة حال متناولي هوية الحراطين وهل عروبتهم باللسان أم بالعرق أم بالمشتركات التاريخية؟ وفي هذا الثلاثي ضاع الجوهر وأساس المنطلق
 ما هية القومية؟ وهل الحراطين عرب القومية مسلمين الديانة زنوج السلالة
 حراطين المكونة؟

وإذا كانت هذه هي المعادلة الصحيحة واخذ بالنماذج والمقارنات بالشعوب العربية
التي صارت عربية من معيار عروبة الحراطين
لكن قبل الدخول في صلب الموضوع والاستشهاد بالإحالات لا يسعونا إلا أن نمر على المعوقات التي حالت دون حسم هوية الحراطين وأبقتها مبعثرة طيلة ستة عقود من تاريخ الوطن المستباح وأربعة من نضال ينقصه الكثير والكثير
المتتبع للمتراشقين حول قضية الحراطين يستخلص أنهم لم يهتدوا إلى الاتجاه الصحيح المؤدي إلى الحصول على جواب قاطع دابر الشك والترنح إلى الحقيقة المطلق ليس بعدها جدال ويمكن حصر سبب التعدي على المفاهيم والإطارات التي تعتبر مدخل أو الباب
الأول للولوج ليس لحسم انتماء الحراطين لأي قومية يجب أن يكونوا     
وإنما تخطي أبجديات التعريف الدلائل والمفاهيم نحو حسم قضية من هذا القبيل كما انه يمكن إرجاع نكوص أصحاب الأقلام وعدم خضوعهم لأتطير المسألة من منبتها ونقاشها من منطلق معفري المحسوم من قبل غير قابلة لتحليل ولا المزايدة وكذا غير قابلة لرفض المطلق من منطلق مواقف سياسية تخضع للحسابات الحقيقة التي تستمد قوتها من الدليل والبرهان الدامغ إذا كنا نتكلم عن الهوية والثقافة والانتماء والقواسم المشتركة التي من المعلومة أنها سابقة على الفرض غير قابلة لتغيير
ولا التقلب على الخصم ودحره وإضافة نصر جديد يسجل لذلك الفريق أو ذاك
كما انه من اكبر الأخطاء التي وقت فيها قضية الحراطين والهوية على وجه التحديد إخضاعها لربح والخسارة
ولم تترك لنقاش الجاد فيذهب التيار العربي إلى الحسم عروبة الحراطين لولائه لمحور الشرق ومركز القومية العربية وتأثيراتها على نمط تفكيره وتحمسه لإثبات لرفاقه في الميدان والمصير بعد أن أعلن مبايعته لهم ومساهمته في بناء الوطن العربي الكبير
 وانه لا يقل عنهم عروبة وبهذا يسجل هدف للتنظيم وللقومية على حساب منافسيه
في الداخل كما يذهب التيار لفرانكفوني في رفض العروبة من منطلق الولاء لمحور الأفرقة والتحالفات الإدلوجية المبنية على معاداة العروبة لتهديدها المصالح المكتسبة عن طريقة أعجمية التعليم والإدارة والتفاهمات التي بنيت على أساس المصالح المادية وبين الحبل المشدود بين الخصمين المتناقضين ضاعت هوية الحراطين أو ضيعت لترجيح هذه الكفة
أو تلك وفي لعبة شد الحبل ضاعت أيضا الموضوعية التي يجب أن تبنى على أساس التعامل مع الموضوع كما هو ونظرائه لا على عواطفنا ومصالحنا الآنية ليفرخ الصراع عقلية ثالثة تتبنى الرفض للعروبة لما ترى في ذلك من الدوران في فلك البيظان ودعم لمنجيتهم وعائق دون التحرر والاستقلالية لتوازها نظيرتها الرافضة للتزنيج كنوع من العودة إلى الاستغراب وتحالف مع الأعداء المستقبليين بعد التحرر والخلاصة

وكمساهمة في الدفع بالنقاش نحو الموضوعية علينا تفكيك مجموعة المفاهيم لنحاول بذلك بعيدا عن التسييس والرفض المطلق بل العودة إلى ما هية الهوية وأقسامها
ولنجيبة على من هم العرب وما هي القومية وما هية السلالة ومن هم الزنوج ما هية الأمة وما هو الإسلام ومنهم الحراطين وما هية الشريحة أو المكونة

ما أريد إلا الإصلاح ما استطعت إليه سبيلا
محمد فال ولد نوح