الحمد لله رب العالمين أمر أوليائه المؤمنين بالتأسي بنبيهم الكريم ذي الخَلق والخُلق العظيم وصلى الله وسلم علي نبينا محمد بن عبد الله صفوة الله من خلقه وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد فإن الذي يروم صرف أمة محمد عن الاحتكام والتأسي بأفعال نبيها وسننه
إنما يروم إبعادها عن سنة خير الخلق، سنة من زكى الله عز وجل أقواله وأفعاله فقال عز من قائل : ﴿وما ينطق عن الهوى﴾، وقال : ﴿وإنك لعلى خلق عزيم﴾، وقال : ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : {ما أتيتم به فأتوا منه ما استطعتم} ''البخاري''، وقال : {عليكم بسنتي} ''أبو داود والترمذي وحسنه''، ومن المعلوم من قواعد أهل السنة والجماعة أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم يدخل فيها قوله وفعله وتقريره، وكان من فعله صلى الله عليه وسلم أنه تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين ودخل بها وهي بنت تسع سنين [القصة ''أحمد والبخاري وغيرهما]''.
وقد رأيت من رام عدم اقحام زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها في الجدل الدائر حول قانون النوع الذي يراد به إفساد البلاد والعباد وضياع الدين، فكان مما كتب تحت عنوان : –لا تقحموا زواجه صلى الله علية وسلم بعائشة في الصراع- وكان مما كتب :
[أشير بأن زواجه صلى الله عليه وسلم
بعائشة رضي الله عنها بتسع سنين ليس دعوة للزواج بالأطفال، وإنما كان لحكم ربانية سامية للإعتبارات التالية:
1- لأنه صلى الله عليه وسلم تزوجها بالوحي.
2- تزوجها بعد النضج الجنسي الصناعي العرفي (التسمين).
3- وكانت سياسة الدعوة تقتضي ربط الصلة بأبي بكر الصديق، وكانت السيدة عائشة تَفُوق أَتْرابَها في حدة الذكاء، وقوَّة الحافِظَة، واقتضت الحكمة الإلهية وجودها في البيت النبوي لما ستنقل عنه من شرائع دقيقة ، وتفاصيل حياته الأسرية و الوقائع التي كانت تدور في البيت النبوي.
4- لتبقى رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم 47 سنة تبلغ للأمة ما نقلته من رسول الله صلى عليه وسلم من العلم]
فأقول : يا ليته لم يشر إذ ما زاد إلا تعلقا بسنة خير البشر رغم كيد الأعداد ومن والاهم ومن غدر
1- لقد استنبطت بما آتاك الله من علم هذه الاعتبارات الأربع فمن أدراك أنه لا يوجد غيرها ؟ أليس هذا تحجيرا لفسحة الشرع وعلى غيرك ممن أهله الله للاستنباط؟ أليس الوحي شرعا لكل الأمة إلا بدليل يخصص المسألة، ثم إن البلوغ يختلف من شخص إلى شخص فهو حسب بنية الشخص وطبيعة أرضه وعيشته ومن المعروف عند أهل العلم أن سن بلوغ الأنثى لا يتعدى خمسة عشر سنة في أقصى تقدير فلماذا لا تحددون الزواج إذا بالبلوغ إذا كنتم فعلا مصلحين؟
ومن المعروف عند من كان من أهل السنة والجماعة أن من قواعدهم 'العبرة ليس بخصوص السبب' فإن كان سبب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة بالوحي فإنه شرع للأمة ولم يرد من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من صحابته ما يدل على تخصيص هذا الزواج به.
2- إذا كان تزوجها بعد النضج الجنسي الصناعي (التسمين) كما استنبطت أنت، أليس التسمين من عادة هذه البلاد وكذلك أسباب التسمين أكثر في هذا الزمن إذ كثرت فيه وسائل العيش وأسباب الرخاء أكثر مما كانت عندهم إذ كان قلة العيش ما يغلب عليهم سواء قبل الهجرة أو بعدها، كما في قصة {لقد عجب الله من صنيعكما}''مسلم''، و {والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول صلى الله عليه وسلم نار} ''البخاري ومسلم''.
3- إذا كانت مصلحة الدعوة في هذه القصة تقتضي ذلك، أليست مصلحة الدعوة قائمة في كل زمن ؟ أليس قد يوجد من أهل العلم من يروم تقريب شخص إليه لتسفيد الأمة منه إما لماله أو جاهه أو سلطانه ويقتضي ذلك أن يتزوج ابنته ليقربه إليه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الصديق والصديقة.
4- ولتبقى هذه البنت وتتربى في معين العلم والصلاح وبين ولتبلغ هذا العلم في حياة هذا العالم وبعد وفاته إن توفي قبلها وما علمنا بذلك؟ ولتبقى بعدة سبعا وأربعين وربما ستين أو سبعينأو أكثر بقدرة وحكمة الحكيم، فتروي من معين علمه وتعلم الأمة من أقواله وحكمه وتنشر كتبه.
فلماذا التحجير على المسلمين وترويض سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودين رب العالمين ويا ليتكم سلطتم أقلامك نصرة للدين لا دفاعا عن شرع الغرب والمنافقين.
فاللهم الهمنا رشدنا ورد زائغنا ووفقنا للحكم بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبيك وعلى أزوجه وذريته إلى يوم الدين.
بقلم/ طلحة ولد ابيه