تتزامن الذكرى الثانية للاعتداء على صحيفة شارلي أبدو مع تفاقم العمليات الإرهابية في أكثر من مكان من برلين واسطنبول إلى بغداد وأعزاز، وفي الأشهر الأخيرة من ولايته يجهد الرئيس فرنسوا هولاند لربط اسمه بنجاحات في هذا الميدان، وتوجيه رسالة طمأنة إلى الرأي العام الفرنسي.
على الصعيد العملي، تميز عهد هولاند باتخاذه قرار الحرب في مالي، في أوائل 2013 ، لمنع سقوط العاصمة باماكو أمام زحف الإرهاب، لكن الرئيس الفرنسي الذي رأى الإرهاب يضرب فرنسا في قلب عاصمتها وعلى شاطئها اللازوردي في عامي 2015 و2016 ، وكان شاهداً على عملية استاد دو فرانس لكرة القدم في 15 نوفمبر 2015، يربط حصاد رئاسته بهذا الملف الحساس. وخلال زيارته الثانية إلى بلاد الرافدين، أكد هولاند خلال زيارته إلى بغداد في الثاني من هذا الشهر على أن محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق "تساهم في حماية فرنسا من الإرهاب"، وتفاءل في تقديره إلى حد توقعه أن يكون عام 2017 "عام الانتصار على الإرهاب".
على ما يبدو لم يتذكر الرئيس فرنسوا هولاند مقولة الجنرال شارل ديغول "ذهبت إلى الشرق المعقد بأفكار مبسطة" وقال ديغول هذه العبارة في ثلاثينات القرن الماضي حينما كان مفتشاً عاماً عسكرياً إبان زيارة له إلى سوريا تحت الانتداب الفرنسي وكان يقصد تكوين سوريا الخاص والمعقد في تلك الفترة، وهو ما ينطبق اليوم على سوريا والعراق وغيرهما وقد ازداد تفاقماً مع النزاع السني – الشيعي وصعود التطرف والمحاور الإقليمية وعدم نجاح تجارب دول الاستقلال واستمرار النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.
بالطبع، يأمل هولاند ان يكون عام 2017 عام اقتلاع "داعش" من أراضيها في العراق وسوريا، لكنه يدرك قبل غيره أن الأسلوبين الغربي (تحت قيادة واشنطن) والروسي في الحرب ضد الإرهاب لم يفلحا حتى الآن في احتواء هذه الظاهرة، لأن الحربين العسكرية والأمنية لن تقدما الوصفة الناجعة، من دون كسب حرب الأفكار وإقامة دول عادلة وحل القضايا المزمنة. ومن أجل تفادي خديعة اليوم التالي في الموصل لا بد من مراجعة ما جرى في العراق منذ 2003 ومعالجة مكامن الفشل والعمل على تأسيس دولة لكل المكونات بمنأى عن الوصاية الخارجية.