يمكن الجزم بالقول إن الحكومة الحالية التي أوعز رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للمهندس اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا بتشكيلها، تعتبر الحكومة الأسرع إنجازا للمشاريع التنموية الكبرى والخطط الاقتصادية ذات المردودية الفورية على حياة الناس، والأكثر قربا من المواطن وانفتاحا على الطيف السياسي وإقناعا للشركاء.
ذلك أن هذه الحكومة الوليدة، التي خرجت للتو من مائة يوم الأولى، عملت على تنقية الاجواء المتوترة منذ عقد من الزمن بين النظام والمعارضة، لتفسح المجال أمام تركيز الانشغال على تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي الذي نال ثقة غالبية الناخبين، وتعيد رسم العلاقة مع المعارضة كشريك ناصح يراقب وينبه ويصحح، بعد أن ظل النظام السابق ينظر إليها كعدو متآمر فاقد للحس الوطني والأهلية والكفاءة خلال عشرية الشد والجذب والتخوين.
لقد ظهر التناغم بين النظام والمعارضة
بطريقة هادئة و سلسة، توجت بفتح باب القصر الرئاسي على مصراعيه أمام كل رموز وأقطاب الطيف السياسي المعارض، كما تم فتح وسائل الإعلام العمومية أمام قادة ونخب المعارضة، حتى من ناصب الرئيس منهم العداء وكال له التهم الجزاف خلال الحملة الرئاسية الأخيرة.
جو التناغم هذا لم يكن ليتحقق لولا جدية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في تطبيق تعهداته خلال الحملة بالانفتاح على المعارضة والاستفادة من تجاربها وكفاءاتها ونصحها، ولولا الأهلية التي يتمتع بها الوزير الأول إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا لبناء جسور الثقة بين فرقاء الطيف السياسي ليتفرغ الجميع لبناء وطن هو في أمس الحاجة لتكاتف جهود أبنائه بدل السير بهم في دروب الاختلاف والتنابز بالألقاب.
إن تلك الأجواء السياسية الهادئة مكنت أعضاء الحكومة، فور تسلمهم مهامهم الجديدة، من التفرغ للإطلاع على سير العمل في مختلف المصالح التابعة لقطاعاتهم، وفي مباشرة وضع الخطط والبرامج والحلولالمناسبة، فتسارعت وتيرة العمل في القطاعات الخدمية فور إعلان تشكيل الحكومة، حيث لمس المواطن البيسط تغيرات إيجابية أشعرته بأنه الغاية المستهدفة بتقريب الخدمات والاستفادة من مقدرات بلده، وهي الإنجازات التي طالت جميع قطاعات الدولة بوتيرة ثابتة ومتصاعدة.
وبفعل جدية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تطبيق برنامجه الانتخابي، وصرامة ومتابعة الوزير الأول المهندس اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا لتنزيل تلك التعهدات وبأدق تفاصيلها ، وتوزيعه أعضاء الحكومة على لجان متخصصة يتولى رئاستها والاجتماع بها بشكل دائم، حتى خارج الدوام، تمكنت الحكومة من تحقيق العديد من الانجازات خلال مائة يوم فقط من تاريخ تشكيلها، وهو ما عجزت عنه حكومات سابقة تولت تسيير الشأن العام لعدة سنوات.
ولكي لا يتهم النظام الجديد بانتهاج سياسة تصفية الحسابات، وخلافا لما درجت عليه الأنظمة السابقة، تم منح الثقة المبدئية للقائمين على مفاصل الإدارة في مختلف القطاعات، مع اليقظة التامة والمراقبة الدائمة لأداء الجميع، فكان التدخل لإبقاء الأصلح في بعض الإدارات كالمالية والصحة، وظل الباب مفتوحا ليصل قطار الإصلاح بقية المحطات في الوقت المناسب، كما تم تعزيز الطاقم الرئاسي بمستشارين ومكلفين بمهام من العيار الثقيل.
لقد بدأ عمل الحكومة في المجالات الخدمية والإغاثية مبكرا، فشهد قطاع الصحة ضخ دماء جديدة وإجراءات استعجالية نذكر منها على سبيل المثال مجانية الحالات المستعجلة، وتحسين خدمات الاستطباب، ومراقبة جودة الأدوية، وتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب.
وسارعت الوزارات المعنية بالتعليم والتهذيب إلى توفير الأجواء المناسبة لافتتاح عام دراسي مختلف عما كان قائما، وأشرف رئيس الجمهورية شخصيا على الافتتاح الذي وصفه نقابيون ومفتشون وآباء تلاميذ ومراقبون بالأجود في تاريخ البلد.
وأوفدت وزارات الاقتصاد و المالية فريقا نوعيا إلى الولايات المتحدة للقاء شركاء التنمية بغية إعادة رسم العلاقة بين موريتانيا وهيئات التمويل والقروض، بعد أن رسمت خططها التسييرية الشفافة خلال الخمسية المقبلة، وهي الخطط التي نالت رضى وتزكية الشركاء.
وعملت وزارة الصيد على مراقبة ومتابعة كافة القطاعات التابعة لها، وشاركت بفاعلية في حملة تنظيف شواطئ نواذيبو، وأكملت الاستعداد اللازم لتطبيق قوانين حماية البيئة البحرية واحترام اتفاقيات الصيد وتجديدها بمعايير جديدة تصون الثروة السمكية وسلامة المياه الاقليمية وتعزيز تشغيل الشباب وزيادة مداخيل الدولة.
كما تمكنت وزارة السياحة من تنظيم 20 رحلة متزامنة لسياح أحجموا عن زيارة موريتانيا خلال الفترة الأخيرة، بل واكتساب سياح جدد من مناطق مختلفة عبر العالم.
وبفضل الجهود التي الجبارة التي بذلتها مفوضية حقوق الانسان، صوتت 172 دولة من أصل 187 على عضوية موريتانيا في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، لأول مرة في تاريخ البلد.
وعملا باعتماد الشفافية وتقريب الخدمات العمومية من المواطنين، ضمن تعهدات الرئيس في برنامجه الانتخابي، تم تطبيق التوجيهات الرئاسية بافتتاح مكاتب لاستقبال المواطنين في مختلف الوزارات، وهو ما خلف ارتياحا واسعا للمراجعين وأصحاب المظالم.
لقد باتت أبواب القصر الرئاسي مفتوحة وقبلة للجميع، حيث ولجها الساسة من مختلف الطيف السياسي والأدباء والكتاب، وتم التعبير عن بقائها مشرعة أمام كل من يود نقاشا لواقع البلد أو مقترحا لمستقبله أو مظلمة في تاريخه.
إن كل تلك الانجازات وهذا الأمل لم يكن ليتحقق في هذا الظرف الوجيز لولا جدية الرئيس وكفاءة الوزير الأول وتجانس الحكومة والانفتاح على المعارضة، سبيلا إلى تطبيق كامل لتعهد انتخابي زكته أغلبية الناخبين، وبرنامج حكومة نال ثقة البرلمان.
إسماعيل ولد الرباني/ المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء