أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" خُطة لمساعدة قرابة 150 ألف مزارع يمني على التوصل على الأقل إلى تلبية حاجات أسرهم الغذائية الأساسية في ظل احتداد انعكاسات النزاع المسلح الحالي من جهة والتغيرات المناخية القصوى من جهة أخرى على حياة غالبية سكان هذا البلد ولاسيما سكان المناطق الريفية والذين يشكلون قرابة 70 في المائة من السكان. وقال السيد صلاح الحاج حسن ممثل المنظمة الدولية في هذا اليمن إن 14 مليون يمني أي أكثر من نصف سكان هذا البلد هم اليوم في وضع غذائي غير آمن وفي مرحلة ما قبل المجاعة.
وصحيح أن موارد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة قد تقلصت كثيرا في العقود الأخيرة، شأنها في ذلك شأن منظمات دولية مختصة أخرى. ولذلك فإن منظمة "الفاو" تعول هذه المرة على مساعدة من دول الاتحاد الأوروبي تبلغ قيمتها 12 مليون يورو للشروع في تنفيذ خطة عاجلة لفائدة صغار المنتجين الزراعيين ومربي الماشية وصيادي البحر اليمنيين للحيلولة على الأقل دون المرور في اليمن من مرحلة انعدام الأمن الغذائي إلى مرحلة المجاعة.
ومن المفارقات المتعلقة اليوم بخطة منظمة "الفاو" لمحاولة إنقاذ 14 مليون يمني من خطر المجاعة أن تنفيذها يتطلب حشد مبلغ مالي قدرته المنظمة بقرابة 50 مليون يورو، وأن الاتحاد الأوروبي مشكور على المساعدة التي تقدم بها لتحقيق هذا الخطر، ولكن مبلغ المساعدة هذه زهيد بالقياس إلى حجمه وحجم الاتحاد الأوروبي ووزنه الاقتصادي في العالم ونظرا أيضا إلى مسؤوليته الكبيرة في التضامن مع الشعوب المهددة أكثر من غيرها بالمجاعات.
وحتى نتلمس ذلك، لابد من التذكير بأن قيمة عمليتي سطو على مجوهرات في باريس حصلت الأولى في أكتوبر-تشرين الأول الماضي والثانية في شهر ديسمبر –كانون الأول الماضي قُدِّرت بقرابة 15 مليون يورو. وقد استهدفت عملية السطو الأولى النجمة التلفزيونية الأمريكية كيم كارداشيان بينما طالت العملية الثانية محلا لبيع المجوهرات. واكتفى صاحبها بسرقة ألماستين وخاتمين من جواهر المتجر بطريقة تُذكِّر بِحيل شخصية " أرسين لوبين"، أي شخصية لص ظريف اختلقه الكاتب الفرنسي موريس لوبلان عام 1905.
هذه المقارنة بين مبلغ المجوهرات التي سرقت في باريس خلال عملتي سطو من ناحية والمبلغ المالي الذي تبرع به الاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى لمساعدة اليمنيين على التصدي لخطر المجاعة لابد أن يتم الإلحاح عليها كثيرا لدى مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية ودول أخرى في انتظار أن تنتهي الحرب اليمينة وأن يُحاسَب اليمنيون كلُّ اليمنيين لاحقا بعد الحرب على أدائهم في مجالين اثنين هما المساهمة في ضمان الأمن الغذائي الوطني وفي استغلال الثروات الطبيعية الوطنية استغلالا رشيدا.