إن العلاقة بين الله والإنسان علاقة فردية، وعند الحساب يوم القيامة يحاسب كل إنسان على عمله وسيجازيه الله جنة النعيم أو نار الجحيم، إذا صلح الفرد صلح المجتمع، والله لم يبعث رسوله عليه السلام لتكوين فرق إسلامية وأحزاب، ونهى عن ذلك بقوله سبحانه مخاطبا رسوله (إِنَّ الَّذينَ فَرَّقوا دينَهُم وَكانوا شِيَعًا لَستَ مِنهُم في شَيءٍ إِنَّما أَمرُهُم إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِما كانوا يَفعَلونَ ) (الأنعام: 159).
الاعتصام بكتاب الله
فالله سبحانه يأمر الناس جميعا بالاعتصام بكتاب الله وحده حتى لا يتفرقوا وتتعدد مرجعياتهم ويحدث التناقض بينهم ثم يتحول إلى صدام وصراع ينشر الخوف والفزع في المجتمع وتحل الفوضى محل السلام، والخراب محل التعمير والبناء، ولذلك أمرهم بقوله سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (ال عمران: 103)، كما حذر المسلمين بقوله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: 46).
العقد المقدس
ولو التزم كل مسلم بالعقد المقدس وهو القرآن الكريم راسمًا خارطة الطريق لحياة طيبة للإنسان، وفي الآخرة جنات النعيم إذا طبق التشريع الإلهي والمنهاج الرباني، وعرف مسئولياته تجاه خالقه والتزم بشريعة الله في قرآنه وطبّق المنهاج الأخلاقي وما يدعو إليه سبحانه من الأخلاق العظيمة والرحمة والعدل والحرية والإحسان وتحريم العدوان والدعوة للتعاون والإحسان لكل إنسان، لأصبحت المجتمعات الإنسانية تعيش في أمن وسلام وعيش كريم.
بناء الأسرة
كيف يتم بناء الأسرة المسلمة والفقهاء اتبعوا الشريعة اليهودية في التعامل مع المرأة، عقيدتهم تعتبرها أنها المذنبة التي أغرت آدم وتسببت في إخراجه من الجنة وعلى ذلك المفهوم استبد الرجال بالتشريع لكل ما يخص المرأة وتحكموا في حقوقها وتم التعامل معها على أساس من الدونية وأنها لا تصلح إلا للخدمة والمتعة وليس لها حقوق، فوقع على الأنثى ظلم كبير، وفى ذلك المحيط من النظرة الدونية يتوارى العدل وتحدث المشاكل بين الزوجين وتنهار الأسرة.
استباحة الحقوق
لأن الذكور استحوذوا على كل الحقوق واستباحوا حق المرأة لدرجة أن كلمة واحدة من الرجل ينطقها شفهيا بقوله طالق يقضي على الأسرة ويضيع الأطفال في غياب العدل الإلهي الذي أهمله الفقهاء في القرآن الكريم عندما وضع الله قاعدة المساواة بين الذكر والأنثى في قوله سبحانه (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء: 124).
المساواة بين الذكر والأنثى
بالرغم من الآية المذكورة والآيات الأخرى التي تؤكد على المساواة بين الذكر والأنثى، إلا أن بعض شيوخ الدين في الأزهر وغيره من خريجي المعاهد الدينية أتباع المذاهب المختلفة لا يعترفون بحكم الله بشأن المساواة بين الذكر والأنثى، بل تتحكم في أفكارهم عادات وروايات إسرائيلية وفق العقيدة اليهودية لتحميل الأنثى مسئولية خروج آدم من الجنة وارتكابها الخطيئة الأولى عند خلق آدم وعليه حسب قناعة الشريعة اليهودية لا يجب أن تعامل الأنثى مثل الذكور في الحقوق والمساواة كإنسان، بينما يبرئ الله سبحانه الأنثى من تلك التهمة الظالمة في قوله (فَوَسوَسَ لَهُمَا الشَّيطانُ لِيُبدِيَ لَهُما ما وورِيَ عَنهُما مِن سَوآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَن هـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَن تَكونا مَلَكَينِ أَو تَكونا مِنَ الخالِدينَ ﴿20﴾ وَقاسَمَهُما إِنّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحينَ ﴿21﴾ فَدَلّاهُما بِغُرورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ ﴿22﴾ قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنفُسَنا وَإِن لَم تَغفِر لَنا وَتَرحَمنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ ﴿23﴾ (الأعراف: 20-23).
إتباع الشيطان
تؤكد الآيات المذكورة أن الله حذّر آدم وزوجته من إتباع الشيطان وحرم عليهما الأكل من الشجرة مما تعني الآيات أن الله سبحانه لم يتهم الأنثى وحدها بارتكاب المعصية وهذه الآيات تبرئة للأنثى مما وقع عليها من ظلم في شريعة أهل الكتاب، والتي أصبحت المرجع الرئيسي لفقهاء المسلمين في عداوتهم للأنثى والتي جعلتهم يضعون من التشريعات ما يتعارض مع شريعة الله في القرآن الكريم الذي برأ الأنثى من الخطيئة الأولى وحكم على الاثنين الذكر والأنثى بتحمل المسئولية.
التقوى والعمل الصالح
وتلك العدالة الإلهية التى تساوي بين الناس جميعا فلا ميزة لأي إنسان إلا بالتقوى والعمل الصالح، فكيف يتحدثون عن أهمية الأسرة والتي لم تؤسس على شرع الله ويكون الأساس للعلاقة بين الزوجين مبنيًا على قوله سبحانه (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21).
المودة والرحمة
وهذا الخطاب الإلهي موجه للاثنين الذكر والأنثى وليس محصورًا على الذكور فقط، فهل توجد المودة والرحمة بين الزوجين عند المسلمين أم تكون العلاقة بين السيد والعبدة واجبها الخدمة في البيت وعقابها الضرب أو الطرد من البيت، مهضوم حقها ومستباحة لا صوت يعلو على صوت الزوج، تسمع الأمر فتطيع دون مناقشة.
المشاكل بين الزوجين
وفي غياب العدالة والرحمة والمودة تحدث المشاكل بين الزوجين فينشأ الأطفال في جو مشحون من الغضب والصراخ ويرون ما يقع على والدتهم من ظلم وشتائم واحتقار، ويكبر الأطفال في جو مشحون بالغضب والتهديد مما يؤثر في نفسياتهم وعلى سلوكياتهم عند الكِبر. هل ذلك هو الإسلام الذي جاءت تشريعات الله بالرحمة والمودة والعدل والإحسان؟.
شيوخ الدين والشياطين
قبل أن يتحدثوا عن الأسرة عليهم أن يراجعوا دينهم الذي تم تشويهه من قِبل شيوخ الدين والشياطين الذين خلطوا بين الشريعة اليهودية وبين رسالة الإسلام فطغت روايات اليهود على المسلمين وضاع العدل وتفرق المسلمون فرقًا وطوائف يقطعون رقاب بعضهم منذ وفاة الرسول عليه السلام إلى اليوم، لذلك لا بد من إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية بحيث تكون مرجعيته الوحيدة القرآن الكريم وأن يتم تشكيل لجنة متساوية من الرجال والنساء من المتعلمين قضاة أو محامين أو ترشح الجامعات أساتذة في اللغة العربية تشترك معهم اللجنة التشريعية في مجلس النواب لتصحيح مسار العدالة التى أمر الله أن يُحكم بها، ليتحقق التوازن الاجتماعي دون عدوان طرف على الآخر، وأن يتوافق قانون الأحوال الشخصية مع التشريع الإلهي الذي يحمي حقوق الناس جميعًا دون ظلم وقهر واعتداء