بدأ الناخبون صباح اليوم في نيجيريا الإدلاء بأصواتهم لاختيار مرشح من بين 18 متنافسا على رئاسة البلاد، خلفا للرئيس محمد بخاري، الذي تولى السلطة لولايتين رئاسيتين طبقا لمقتضيات الدستور النيجيري.
ودعت لجنة الانتخابات النيجيرية أكثر من 87 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم عبر 176 ألف مركز اقتراع لانتخاب رئيس بالإضافة إلى نواب وأعضاء في مجلس الشيوخ.
وبلغ عدد المسجلين على اللائحة الانتخابية 93 مليون شخص، من أصل نحو 216 مليون نسمة هو عدد سكان البلاد، لكن حوالي 6 ملايين ناخب لم يسحبوا بطاقاتهم، وبالتالي فإنهم غير معنيين بالتصويت اليوم.
وتعتبر هذه الانتخابات مهمة لتكريس الديمقراطية، ذلك أن نيجيريا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1960، شهدت أول تناوب ديمقراطي على السلطة عام 2015.
أبرز المتنافسين
تبرز 3 أسماء يتوقع الكثيرون أن ينتخب أحدها رئيسا لنيجيريا، أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية، وأكبر دولة نفطية فيها كذلك، وهو ما يجعل من الصعب حسم أي من المتنافسين الفوز منذ الجولة الأولى.
ويعتبر بولا تينوبو البالغ من العمر 70 سنة، والمترشح عن حزب "مؤتمر كل التقدميين"الحاكم، أحد أبرز المتنافسين، وهو حاكم سابق لمدينة لاغوس العاصمة التجارية لنيحيريا، بين عامي 1999و2007.
ويلقب بولا تينوبو المسلم المنحدر من الجنوب الغربي لنيجيريا، ب"العراب" بسبب نفوذه السياسي، وقد أكد في عديد المناسبات أنه "الشخص الوحيد الذي يمكنه إصلاح نيجيريا".
كما يتصدر قائمة المتنافسين كذلك عتيق أبو بكر البالغ من العمر 76 سنة، والمترشح عن حزب المعارضة الرئيسي "حزب الشعب الديمقراطي" الذي تولى السلطة من 1999 إلى 2015.
وتعد هذه المرة السادسة التي يترشح فيها هذا النائب السابق لرئيس الجمهورية خلال الفترة ما بين 1999 و2007، وهو مسلم ينحدر من الشمال النيجيري.
وفي مواجهة هذين المترشحين المخضرمين، يوجد مرشح ثالث يحظى بشعبية كبيرة خصوصا في صفوف الشباب، وهو بيتر أوبي يبلغ من العمر 61 عاما، وهو حاكم سابق لولاية أنامبرا بالجنوب الشرقي للبلاد.
ويخوض المسيحي بيتر، الذي شكل مفاجأة خلال الحملة الانتخابية بشعبيته العريضة، التنافس على الرئاسة كمرشح عن الحزب العمالي.
رهانات الاقراع الحاسم
من ضمن رهانات عديدة، ستشكل نسبة المشاركة رهانا كبيرا في انتخابات السبت، ذلك أنها كانت ضعيفة في آخر اقتراع رئاسي أجري عام 2019، حيث لم تتجاوز 33%، وقد ارتفع عدد الناخبين المسجلين الجدد بعشرة ملايين شخص، لكن نسبة 76% منهم دون سن ال34 والعديد من الشباب لا يبدو متحمسا للتصويت، بحسب بعض الاستطلاعات.
وإلى جانب ذلك، فإن التصويت الإتني والديني عامل مهم في نيجيريا، التي تضم أكثر من 250 مجموعة عرقية، وتشهد تقليديا استقطابا بين الشمال ذي الأغلبيته المسلمة، والجنوب ذي الأكثرية المسيحية.
ويشكل تأمين الانتخابات رهانا وتحديا كبيرا للبلاد، التي تعاني عدد من مناطقها عدم استقرار أمني منذ حوالي عقد ونصف، وهو ما حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أنه "قد يسبب اضطرابا في الاقتراع".
وقد شهدت الحملة الانتخابية هجمات على مرشحين محليين، وناشطين، فضلا عن بعض مراكز الشرطة، ومكاتب للجنة الانتخابات.
ومن أجل التصدي لأي اضطراب محتمل، نشرت السلطات النيجيرية نحو 400 ألف عنصر من قوات الأمن، لتأمين الانتخابات، المفترض أن تعلن نتائجها بعد أسبوعين.
وتشكل شفافية العملية الانتخابية رهانا آخر لهذا الاقتراع، وتأمل اللجنة الانتخابية، أن يسهم تحديد هوية الناخبين عن طريق التعرف على الوجه وبالوسائل الرقمية، في الحد من عمليات التزوير التي شابت الانتخابات السابقة.
وذات الأمر ينطبق على النقل الإلكتروني للنتائج، لكن استخدام التقنيات الجديدة غير المسبوق في نيجيريا، يثير أيضا مخاوف من فشله.
أزمات تنتظر الرئيس
سيرث الرئيس القادم لنيجيريا، سلسلة من المشاكل والأزمات، أبرزها أعمال العنف الإجرامي والمسلح في الشمال والوسط، إضافة للاضطرابات الانفصالية في الجنوب الشرقي، وارتفاع نسبة التضخم، واستشراء الفقر.
وتشهد نيجيريا منذ 2009 هجمات مسلحة تنفذها جماعة بوكو حرام في شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وأزيد من مليوني نازح.
وإلى جانب بوكوحرام، أصبح تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا منذ عام 2016، الجماعة المسلحة المهيمنة في شمال شرق البلاد.
وفي السنوات الأخيرة انضافت إلى بوكوحرام وتنظيم الدولة الإسلامية، عصابات إجرامية تنشط في الوسط وفي الشمال الغربي للبلاد، تهاجم بالأساس الرعاة والمزارعين في المناطق الريفية، كما تقوم كذلك بعمليات اختطاف من أجل الحصول على فدية.
وبناء على ما سبق، فإن إحلال الأمن مختلف ربوع البلاد، والذي فشل فيه محمد بخاري خلال ولايتيه الرئاسيتين، سيشكل أحد أبرز التحديات التي تنتظر الرئيس القادم.
وعلى الصعيد الاقتصادي، عانى اقتصاد نيجيريا من تداعيات جائحة كوفيد- 19، حيث تسببت له في ركود منتصف العام 2020، وذلك للمرة الأولى منذ 4 سنوات.
وتعاني البلاد الآن من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تجاوزت نسبة التضخم 20%، كما تعاني كذلك من الفساد، حيث احتلت المرتبة 154 من أصل 180 في هذا المجال على لائحة منظمة الشفافية الدولية عام 2021.
وتبلغ نسبة البطالة في نيجيريا 33% فيما ارتفع عدد النيجيريين الذين يعيشون في فقر إلى 133 مليون، وهو ما يمثل نسبة 63% من سكان نيجيريا في العام 2022، بحسب مكتب الإحصاءات الوطني.
وفضلا عن ذلك تدهورت قيمة العملة الوطنية بما يعادل 200 نايرا للدولار الواحد عام 2015، إلى حوالي 750 نايرا في السوق الموازية حاليا.