تعليق على فتوى وبيان / بقلم هشام النجار

اثنين, 04/14/2025 - 16:27

يكفى إلى هذا الحد ترك الشئون المصيرية لاجتهادات عشوائية لهيئات وحركات وجماعات، خاصة أن الأوضاع لا تحتمل المزيد من التدهور، والاستخفاف بإصدار بيانات وفتاوى تعمق الفوضى وتحرف المسار عن المقاومة الحقيقية وتشتت الجهود بعيدًا عن مركز الصراع وأصله.

بصرف النظر عن أسماء الحركات والانتماءات الأيديولوجية؛ فإن بيان أحد المتحدثين باسم حركة فلسطينية الأخير والداعى لتنفيذ تفجيرات فى كل مكان فى العالم، يُعد تخليًا وابتعادًا ليس فقط مكانيًا إنما من جهة التصورات ومنهاج العمل عن أسس المقاومة الوطنية المُنجِزة ومبادئها، وبدلًا من تصويب أخطاء المرحلة الماضية، هناك اتجاه صوب تكريس الأخطاء والانغماس فى مسارات عبثية تنسف الخطوط الفاصلة بين التيارات المقاومة المشروعة وفصائل الإرهاب والتكفير.

لابد من وقفة أمام استخفاف واضح بمصائر دول وشعوب وأمة وبقضية لم تأخذ حقها من غالبية العرب والمسلمين من جهة التعامل باحترافية وتجرد ومصداقية بعيدًا عن الأهواء والأدلجة والأطماع والمصالح الضيقة، حيث من الصعب أيضًا أن نفوت التنبيه على مدى كارثية فتوى صدرت مؤخرًا من هيئة هى فى الأساس تمثل التنظيم الدولى لجماعة الإخوان؛ والتى دعت الدول للجهاد المسلح والأفراد لحمل السلاح تحت زعم نصرة فلسطين.

ينبغى التنبيه هنا بدقة وموضوعية وتجرد كامل على المحددات، وهى كالتالى، أولًا: لا تصلح جماعة الإخوان الإرهابية الخائنة لحمل مسئولية وطنية من أى نوع، ليس فقط لأنه جرى تجريبها وفشلت وثبتت خياناتها، إنما لأن منهاجها الفكرى لا يخدم قضايا التحرر والاستقلال بقدر ما يقود للتفكك والتشرذم والانهزام وخسارة القضايا الكبرى.

بعد كل ما جرى ينبغى أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة تصويب للأخطاء، والبدء فى تبنى القضايا والملفات المصيرية وفى مقدمتها المقاومة واستعادة حقوق الشعب الفلسطينى التاريخية، بمعزل تمامًا عن الأدلجة وعن أى تماس مع جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، حيث وضح جليًا أن هذا التنظيم سبب رئيسى فى الكوارث التى حلت بالدول العربية؛ فهى توظف كل شيء مهما كان ثمينًا وعزيزًا لتحقيق هدف واحد وهو نيل السلطة المحلية وتشبيك نماذج حكم مُؤدلجة لعمل حالة تزعم معها إنها قد حققت هدفَ إعادة الخلافة.

كما وضح فى مختلف المراحل دون استثناء خاصة طوال الأربعة عشر عامًا الماضية، أنها لا تختلف عن مثيلاتها وعمن خرج من عباءتها من جماعات تكفيرية مسلحة مثل داعش والقاعدة، تلك التى أضرت بمصالح الأوطان وسهلت على إسرائيل كثيرًا الوصول لمراحل الجنون والهَوَس الدينى والتمدد بالعمق العربي.

ثانيًا: ينبغى استعادة المقاومة وفقًا للرؤى والمصالح الوطنية وللمنهجية المصرية، تلك التى تقود للأمام لتسترد أرضا وتحرر مساحة وتنتزع حقا وتحمى أنفسا بريئة مع استنزاف وإنهاك المحتل، لا استنزاف وإنهاك شعب المقاومة.

نحن فى مرحلة لا تحتمل السماح للكيانات التى تسببت فى الكوارث والمآسى والهزائم التاريخية بالتنظير واستعراض المزايدات الفارغة، إنما للبدء من حيث نقاط النصر وحفظ المكانة والكرامة والدفاع عن الأرض، وليس هناك فى هذا الفضاء الذى ينشط به فقط المناضلون الصادقون سوى مصر؛ التى حاربت دفاعًا عن كل شبر فى سيناء، وسقط أبناؤها شهداء من مدنيين وشرطة وجيش، وقدمت التضحيات العزيزة الغالية. فعلت ذلك وستفعله دومًا، لأنها ومناضليها وأبطالها مقاومون حقيقيون ـ بلا ادعاءات ولا مزاعم ولا تزييف للتاريخ والحقائق ـ لا يفرطون فى الأرض ولا يقبلون التنازل أو المساومة على حبة رمل من الأرض، ولا يعرفون وقت الجد وفى المراحل المفصلية وطول الوقت شيئًا اسمه مصلحة تيار أو مذهب أو طائفة أو قوى خارجية طامعة.

القسم: